العَاقِلُ ليس مِنَ الضَّرُورِيِّ أَنْ يكونَ ذَكِيّاً

حوارات

يشير وصف "العاقل" في هذه المقالة الى الانسان الذي يميّز بين النافع وبين الضار، لا سيما من يعقل (يحبس) عقله هواه، وليس من الضروري أن يكون العاقل دائماً ذكياً أو مُتَوَقِّد الذهن، أو صاحب علم كثير.

لكن من الضروري أن يكون العاقل سوياً نفسياً وأخلاقياً يملك زمام أمره، ويتحكّم بنفسه، وخصوصا عندما يتعرّض للضغوط النفسيّة الشديدة، أو عندما يبدأ يميل به هواه عن جادة الصّواب.

يوجد أشخاص أذكياء جداً، ربما لدى بعضهم أفضل المؤهلات الأكاديمية، لكنهم ليسوا عقلاء إطلاقاً، ويوجد أفراد لا يقرأون ولا يكتبون، لكنهم نَباريس للعقلانية.

ومن بعض السّمات التي يجب أن يتّصف بها العاقل في عالم اليوم المضطرب، نذكر ما يلي:

-العاقل يتحكّم بهواه المتقلّب: اذ يشير الهوى الى الشهوة والرغبة الجامحة لتلبية نداءات ونزعات الغرائز، لا سيما ما تتّصف بالاندفاع اللاّ مَنْطِقِيّ للاستجابة للشّهوات الجسديّة، وهي في طبيعتها الأصلية مضطربة ومتقلّبة وفق شدّة تأثيرها على الانسان، والعاقل هو من يتحكّم بهواه البشري المتغيّر باستمرار، وبخاصّة ما سيدفعه الى تجاوز حدود المنطق والأخلاق، ولا شأن لذكاء الفرد بقوّة تحكّمه بهواه، لربّما سيحدث أحياناً أن يكون الذكيّ للغاية الأكثر إنغماساً في شهواته!

-العاقل هو الحازم في قراراته الشخصية: يتّسم العاقل بحسمه وبحزمه في اتخاذ قراراته الشخصية، بينما ربما يتّصف الذكيّ أو صاحب الشهادات والمؤهلات العلميّة الفخمة، التي توضع في البراويز المذهّبة، بتردّده الشديد بسبب انغماسه العميق في التفكير الزائد عن الحد الى درجة أنه سيصبح مع مرور الوقت متردّداً بإفراط عند اتخاذ أبسط القرارات الحياتية اليومية، وتقاس حكمة الانسان بتطوّر قدرته على الحسم والحزم في الأمور الحياتية.

-العاقل لا يُخْدَع: أعتقد أن اللّص، أو المتلاعب ربما سيستطيعان بسهولة خداع من يعُتقد أنه ذكيٌّ، فيرتبط معيار نجاح اللّص والمخادع والمتلاعب في هذا السياق بانخفاض، أو بارتفاع نسب الوعي، الذّاتي والظرفيّ، عند ضحاياهم.

والعاقل هو الأكثر وعياً بما هو حوله، والذكيّ ربما يكون منشغلاً فقط بالإعجاب المفرط بذكائه، بينما يمارس العاقل حسّه السليم، وحنكته (ذكاء الشارع).

كاتب كويتي

@DrAljenfawi