قبل ايام قرأت عبر الصحافة المحلية ان الكويت تحض الوفد الصيني الزائر على انهاء بناء منشآت ميناء مبارك.
هذا الوفد هو آخر وفد صيني يضع قدميه على ارض الكويت، قبل زيارات مكوكية من الصينيين الى الكويت ولن يكون الاخير، والموضوع بناء وادارة ميناء مبارك.
الصينيون ليسوا الى هذا الحد من الغباء او السذاجة، وفلوسهم مرمية في القاع لكون، لا مكان بقي عندهم لتخزينها.
الصينيون تاريخ عظيم وطويل من الابداع والانجاز واثبتوا انهم من الذكاء لا يضعون اقدامهم الا على الاماكن الصلبة. الصين تتضخم امام الخصم المنافس الولايات المتحدة التي يبدو انها قد عجزت سياسياً واقتصادياً ومالياً بعد انتفاضات دول لم تكن حتى وقت قليل شيئاً يذكر.
تعظيم الاقتصاد وتكوين ثروات وخلق فرص ليست وحدها الدول الكبرى تتخصص ببنائها، الآن كما نرى اصغر واضعف دول تطفح على السطح، وتنافس دولا كانت في يوم من الايام دولا عظمى.
بريطانيا تعاني الان من الافلاس وضعف الاقتصاد، وفرنسا على شاكلتها ودول غربية كنا نراها سادة علوم، واقتصاد وثروات، نراها اليوم تتراجع امام الدول الاصغر الناشئة.
هل نستطيع، نحن واعني الكويت، ان ندخل المنافسة ونحجز مكاناً، ونكون من البلدان الناجحة؟
نعم نستطيع، فقط مطلوب اختيار الرجل المناسب في المكان المؤهل له بعيداً عن الخصوصية، والاصيل او المتجنس، كم من الشباب المخلصين والناجحين، لكنهم لم يأخذوا فرصهم لهيمنة العقلية "ابن الاصيل" و"ابن الهيلق".
الصين ليست في وضع تجامل الكويت، ولا هي تحتاج لكي تجاملها، في الوقت الحاضر هناك عشرات البلدان الناشئة تخطب ود الصين، وتقدم لها كافة التسهيلات من بناء قواعد والاستثمار ووجود شبه دائم.
جارنا الشمال (العراق) دخل في صفقة حجمها 300 مليار دولار، على اساس ان تدير الصين ميناء الفاو، وبناء بيوت و مدارس وبنية تحية مقابل النفط.
للعلم العراق يصدر نحو اربعة ونصف المليون برميل للخارج مقابل اثنين ونصف مليون الانتاج الكويتي في اليوم.
صحيح ان العراق يعاني ازمات داخلية ومستقبلا غير مضمون، لكن الصينيون يعملون خارج اطار الضغط في معزل عن الادارة السياسية.
ماذا عن الكويت، كل مشاريعها اما موقتة او ملغية، وميناء مبارك مثال، اذ كان ينبغي تشغيله منذ سنوات، ولقد تم تقليص حجمه فقط "علشان ما يزعلون حبايبنا في الشمال"، واهل الشمال كل يوم، بل كل دقيقة ينكشون في ادمغتنا ويتهموننا بسرقة النفط مرة، ومرات الحدود، وغيرذلك من المشكلات التي يبدعون في اختلاقها، بينما يسرقون نفطنا ومياهنا واسماكنا.
وزير خارجيتنا ينضم الى جنوب افريقيا في شكواها على اسرائيل، بينما قضايانا يدير ظهره لها، وكأنها ليست قضايا كويتية، بحارنا واسماكنا ونفطنا وحدودنا منهوبة من جار لدود ونحن نضحك.
احنا "كجا مرحبا" وحرب غزة، لماذا لا يحمل وزير الخارجية اوراقه ووثائقه ويذهب الى مجلس الامن، ويتقدم بدعوة مستعجلة على مماطلة وهروب جارنا العراق من ترسيم الحدود البحرية.
من هنا نحن امام جار يتوارث العداوة وسوء النوايا، والصينيون الان يتجولون في ربوع بلادنا، فهل هناك نوايا صادقة للادارة الكويتية لنقل البلاد من الدرجة العاشرة الى دولة ناجحة؟
كل شيء ممكن، فالذين اخترقوا الحجب ووصلوا الى القمم ليسوا اذكى من الكويتيين، فالكويتيون مبدعون وخلاقون اذا منحوا الفرص المناسبة، وكل ما هو مطلوب ان تضع الادارة السياسية ثقتها بالشباب الطليعة الواعدة.
اليوم بعد حل مجلس الامة باتت الساحة خالية امام الادارة الكويتية، لكن لنكن صادقين، هل مجلس الوزراء بوزرائه مؤهل لادارة مستقبل البلاد، وتحقيق النجاحات، فمجلس الوزراء سقط في تجربة الكهرباء، فهل ينجح فيما هو اكبر؟ نحن لم نشاهد حتى الان نقطة نجاح للصينيين في الكويت، بينما نجاحاتهم تتحقق لدى الجار، من بناء طرق وانفاق وربط ميناء الفاو بمدن الشمال ومنها الى تركيا، بينما جيراننا اتفقوا من وراء ظهرنا على عزلنا، لما سّئل مسؤول عراقي عمن وراء عزل الكويت من اتفاق التعاون الخليجي - العراقي قال: ليس العراق.
علينا ان نعرف صديقنا من عدونا، ومن لا يريد لنا الخير ومن سعى الى عزلنا، من هنا لنتعاون مع الصينيين، لكن لنكن جادين ان ميناء مبارك مشروع ناجح او فاشل ليس هنا المحك، لكنه اول تجربة نثبت فيها جديتنا اولاً، ومع الصين ثانياً، ومع العالم اخيراً.
صحافي كويتي
[email protected]