حوارات
يُنسب بيت الشعر "ومَنْ لمْ يُهَبْ يُحْمَلْ على مَرْكَبٍ وَعْرِ" الى الشاعر سعد بن ناشب (العصر الأموي) ينتقد فيه من يلومه على شراسته في التعامل مع بعض الناس.
وهو يشير بالطبع الى شريحة معينة من الأشخاص، موجودة في كل زمان ومكان، هم من لا يرتدعون ولا يكفّون شرورهم عن الناس، إلاّ عندما يبدأ يتعامل معهم بطريقة شرسة. وتشير "الهيبة" في سياق هذه المقالة الى الاحترام والتقدير والاجلال التي يتلقّاها المرء من عقلاء الناس (ليس بالضرورة بسبب خوفهم منه)، لكن لمعرفتهم به وبتقديره لذاته، وتوقّعهم طبيعة ردود فعله تجاه كلامهم، أو تصرفاتهم المختلفة معه. ويدلّ حَمْل المرء على مركب وعِر على التضييق عليه، والتعامل الفظّ معه، و يُرْغِم بعض الموتورين الشخص العاقل على التعامل معهم بشكل يتطابق مع قلّة أدبهم أو وقاحتهم معه.
ومن بعض أساليب التعامل بهدف تحقيق الهيبة في قلوب كل الناس، نذكر ما يلي:
- لا تبتسم لمن لا يستحق التَّبَسُّم في وجهه: يستلزم على العاقل في عالم اليوم المضطرب الحرص على التمييز بين من يستحقّ تبسّمه في وجهه وبين من يستحقّ عكس ذلك، فما يشكِّل طريقة التعامل مع الآخر هي طبيعة اللقاء معه والوقت والظرف وموضوع الحديث، والمعيار المنطقي في نطاق التبسّم الاعتيادي في وجه الانسان الآخر يتجسّد في عدم تجاوزه حدود ما هو مناسب.
-الثقة بالنفس ترسّخ الهيبة في القلوب: يندر أن تحترم أو تهاب كل الناس الفرد الذي يكشف عن ضعف ثقته بنفسه، وذلك لأنّ التبسّم المُفرط في وجه كل شخص سلوك غير متّزن، ومن يعاني من ضعف الثقة بالنفس ما عليه سوى تصنّعها في العالم الخارجي حتى تتحوّل مع مرور الوقت الى سمة ثابتة في شخصيته.
-من يتمنّع يهاب ويُقَدَّر: من يصعب الوصول إليه بسهولة، ومن يَفُتُّ للآخر فتًّا بطيئاً، ومن يمتنع عن الإفراط في تودّده، ومن يتعمّد إظهار عدم حاجته الى الناس وعدم اتكاله عليهم، يُهَاب طوال الوقت، وربما لا يُحْمَل على مركبٍ وعْرٍ على المدى الطويل.
كاتب كويتي
@DrAljenfawi