مختصر مفيد
قبل أيام قال رئيس صربيا المقرب من بوتين: "انا مؤمن إيماناً تاماً ان الحرب العالمية الثالثة ستبدأ خلال ثلاثة أو اربعة أشهر"، أعوذ بالله من هذه النظرة التشاؤمية.
لنتحدث أولا عن أسباب حدوث الحرب العالمية الأولى.
تسبب طالب صربي اسمه غافريلو (غبريل) برينسيب في اندلاع الحرب العالمية الأولى، إذ عندما رفضته مجموعات عسكرية صربية لقصر قامته، أراد أن يثبت شجاعته فأقدم على اغتيال ولي عهد النمسا الارشيدوق فرانز فيردناند وزوجته، أثناء زيارتهما سراييفو البوسنية في 28 يونيو 1914، إذ كانت البوسنة والهرسك خاضعة لحكم الإمبراطورية الهنغارية النمساوية، فتسبب الحادث في الآتي:
1- أعلنت النمسا الحرب على صربيا.
2- غضبت روسيا على النمسا.
3- غضبت ألمانيا على روسيا.
4- فغضبت فرنسا على ألمانيا، وذهبت ألمانيا لتحارب فرنسا فدخلت أراضي بلجيكا.
5- فغضبت بلجيكا وبريطانيا على ألمانيا.
6- فغضبت الدولة العثمانية لهجوم تلك الدول على ألمانيا.
7- فغضبت أميركا وايطاليا واليونان ورومانيا والبرتغال على العثمانيين، واندلعت الحرب العالمية الأولى.
هكذا اندلعت الحرب العالمية الأولى سنة 1914، واستمرت حتى 1918، ومات فيها 20 مليون جندي ومدني، وثمانية ملايين مفقود، و20 مليون جريح، عدا عن الخسائر المادية الهائلة، بسبب هذا المجنون.
الحرب العالمية الأولى اشتركت فيها ثلاث إمبراطوريات، وأدت لحرب أخرى بعد 20 سنة هي الحرب العالمية الثانية مات فيها 60 مليون نسمة.
تمزقت الإمبراطورية الهنغارية النمساوية، وانهزمت ألمانيا وعانت من تضخم هائل جلب دكتاتوراً اشتراكياً هو هتلر، وانهارت روسيا القيصرية، فظهرت فيها الشيوعية، وغرقت في حرب أهلية، وتفككت تركيا العثمانية.
فما بدا وكأنه خلاف صغير في جنوب شرق أوروبا، بسبب حادث الاغتيال، أصبح حرباً بين الإمبراطوريات الأوروبية، اذ ان أكثر من 30 بلداً أعلنت الحرب بينها خلال أربعة أعوام، وأدت الى تدمير أوروبا بشكل شبه كامل.
بعد كوارث الحرب العالمية الثانية أنشئت هيئة الأمم المتحدة، التي وضعت أهم هدف لها وهو حفدظ السلام العالمي.
بعد أن مات ملايين الناس في القارة، شعر الأوروبيون بأخطائهم الفادحة، وقررت أوروبا "اتخاذ طريق مختلف"، "طريق اللاعودة للماضي"، "لاعودة للتعصب الديني والسياسي"، إنما السير نحو مستقبلٍ أفضل.
ثم جاء تصريح رئيس صربيا، آنف الذكر، عن اقتراب اندلاع الحرب العالمية الثالثة، يعني ما نخلص من الصرب ونظرتهم المتشائمة؟
لا أعتقد ان الحرب العالمية الثالثة ستندلع، فأي حرب، كارثة مدمرة، فكما رأينا، لقد دُمرت أوروبا واليابان ومات الملايين، صحيح ان هناك حاليا حلفاً هنا وهناك، مثل العلاقات الجيدة بين روسيا والصين، والتحالف الأميركي الأوروبي، وبؤر أزمات كاحتلال روسيا لشرق أوكرانيا، وتهديد الصين باحتلال تايوان، والوضع المضطرب عربياً، لكن الخلافات يمكن حلها بوسائل سلمية، أو التفاوض.
كذلك لن تحدث حرب نووية، وقد ذكرناها بمقالة سابقة، فثمة نظرية في العلوم السياسية تُسمى بـ"التوازن النووي" أو"الردع النووي"، مفادها أن أي ضربة نووية يوجهها خصم لخصم نووي آخر، فان بمقدور المتضرر ان يمتص الضربة الأولى ويوجه لخصمه المعتدي ضربة نووية أخرى (ان ضربتمونا ضربناكم)، لذلك يمتنع الطرفان عن اتخاذ هذه الخطوة فيتحقق السلم بينهما.