النائب المستبد

النائب في مجلس الامة هو جزء، ليس الا، من السلطة التشريعية، ومهماته جزء من الممارسة الديمقراطية، وواجب عليه، بحكم الدستور واللائحة الداخلية، ان يكون ديمقراطيا، ويؤدي مهماته باسلوب ديمقراطي، وهذا هو المفروض والمفترض.

لكننا احيانا نرى غير ذلك، اذ نرى النائب المستبد بالرأي وغير الديمقراطي الذي تغلب على سلوكه البرلماني الذاتية والانانية، ولسان حاله يقول، في كل موقف: "انا من بعدي الطوفان"، والعياذ بالله.

النائب المستبد كان بارزاً، وواضح الوجود في ممارستنا الديمقراطية، وبشكل اكثر وضوحا في المجالس الثلاثة الاخيرة، وكان ضمن قلة التقت معه بالمواصفات اللاعقلانية، والسمات الاستبدادية نفسها، ونتيجة لسلوكهم السياسي اللا ديمقراطي، اخذوا المجلس الى مسارات بعيدة عما ينبغي ان يكون عليه، وشكلت ممارساتهم انحرافاً عن الديمقراطية.

واذا كان الاستجواب اداة مهمة من ادوات الرقابة البرلمانية، فإن النائب المستبد يفرغها من محتواها، ومضمونها، ويجعلها اداة تهديد ووعيد وابتزاز، فيستخدمها في كل شاردة وواردة ومن دون ضوابطها، الدستورية واللائحية، ومن دون تنسيق او تشاور مع اعضاء المجلس، ويستخدمها حتى وان لم تتفق معه الاغلبية، وكأنه هو وحده المجلس، وهذا دون شك يضعف المجلس، ويسيء الى اعضائه، وسمعته كسلطة شعبية.

علاوة على ان مثل هذه الاستجوابات تعطل عمل السلطتين، وتؤدي الى فقدان ثقة المواطن بالديمقراطية.

النائب المستبد يعتقد جازماً ودائماً أنه على حق، وأنه يمتلك الحقيقة وحده، وكل من ليس معه هو ضده، فيستشيط غضباً على كل من يعارضه، ويستخدم ضده مفردات، واوصافا خارجة عن قيم واخلاقيات الديمقراطية، ويحول الاختلاف بالرأي خلافاً شخصياً، ويحول الجلسات مسرحاً للمهاترات والسباب، ويكون مخالفا للدستور الذي اقسم على احترامه، فيكون مخالفاً لقسمه أيضا.

ما دفعني الى كتابة هذه المقالة هو ان هذا النوع من النواب، ومن على شاكلته، سبب رئيسي في تعطيل ديمقراطيتنا، وعامل اساسي في تفريغ الدستور واللائحة من مضمونهما الديمقراطي.

يجب ان ينتبه المواطن الى ذلك، ويميز بين النائب الذي يبني، والآخر المستبد الذي يهدم، وهذا مهم فلمجلس الامة عودة، وبإذن الله تكون بحلة أفضل، والله ولي التوفيق.