طيبة القلب المُفْرِطَة ثُقْبٌ أَسْوَد

حوارات

يشير الثقب الأسود في سياق هذه المقالة الى ظاهرة كونيّة ذات جاذبية قوية جدّا، لا يفلت منها حتى الضوء.

وتدلّ طيبة القلب المفرطة على الاسترسال والانبساط والإِسْراف في تبديد الطاقات، النفسيّة والبدنيّة، الذاتيّة في ما لن يعود بالنفع على الشخص طيّب القلب في حياته الخاصة، أو في تعاملاته مع الآخرين في الحياة العامّة.

وطيبة القلب المبالغ فيها تبدو وكأنها ثقب أسود يتولّد بسبب الضغوط النفسيّة الهائلة، وانعدام الرؤية الشخصية في قلب المرء الطيّب بإفراط حتى ينفتح، ويبدأ يبدّد طاقاته الداخليّة ويلتهم أولوياته وأهدافه الشخصيّة.

ومن بعض أسباب تحوّل طيبة القلب الى ثقب أسود، وكيفية تحقيق الاعتدال فيها، نذكر ما يلي:

-أسباب تحوّل طيبة القلب الى ثقب أسود: ربما يرجع السبب الرئيسي الى الإفراط في ممارسة طيبة القلب الى الخوف الكامن في نفوس بعض الأفراد تجاه احتمال تعرّضهم للحرمان العاطفي، ما لم يبذلوا الغالي والرّخيص لإبقاء الآخرين في حياتهم.

وربما يميل بعض الناس الى تجاوز الحدّ المنطقي في طيبة قلوبهم بسبب اعتقادهم أنّ هذا السلوك سيُثْبِت لمن حولهم تسامحهم، وسخاء نفوسهم، بينما لا يوجد سبب منطقي يُلزم المرء العاقل تعريض نفسه للهلكة النفسيّة، وربما البدنية والماديّة فقط لجذب انتباه أفراد آخرين، ربما لا يُقَدِّرون ما يُقَدِّمُه لهم من تضحيات على حساب واجباته الأخلاقية تجاه نفسه.

وربما تنبع المبالغة في طيبة القلب السلبيّة من طرف واحد من الشعور، فعلاً، بالحرمان العاطفيّ، إما بسبب الظروف الأسرية السابقة، أو بسبب ضعف الثقة بالنفس، أو لعدم تقدير الذّات بشكل مناسب.

وكل ما سبق يدلّ بالطبع على أن طيبة القلب في غير محلها ووقتها المناسبين، هي بشكل أو آخر زراعة في أرض سبخة تُنهِك النفس والجسد، والعقل والجهود الشخصيّة، وتؤديّ بها الى العدم.

-تحقيق الاعتدال في ممارسة طيبة القلب: كلما غلب عقل المرء هواه، اعتدل سلوكه، وكلما زاد الوعي الظرفيّ عند الانسان (فهم البيئة المحيطة) قوى عنده المنظور الاجتماعي العام، وكلما تذكّر العاقل أنّ الشّاة ستنطح عادة خير حالبيها، خفّت لديه المثاليّة الأخلاقية المُفرِطة!

كاتب كويتي