الأربعاء 15 يناير 2025
17°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 م. عادل الجارالله الخرافي
كل الآراء

الـ"شينغن" لن تزيدنا شيئاً

Time
الأحد 14 يوليو 2024
View
90
م. عادل الجارالله الخرافي

تصريح بعض السفراء، ومنهم السفير الألماني عن أن إعفاء الكويتيين من فيزا "شينغن" أمر معقد ويحتاج سنين، يبعث على الاستغراب بعد أن سمعنا سابقاً من مسؤولين أوروبيين وكويتيين، أن الإعفاء من الـ"شينغن" قريب، وفي مرحلته الأخيرة من الاعتماد.

الأغرب في هذا الإطار، أن سعادة السفير لم يخبرنا لماذا أصبح الامر معقداً، ولا الأسباب التي تجعل منه يتطلب سنين، هل هي مزاجية، أم أن هناك شيئاً لا يريد الإفصاح عنه، وقد يكون من المناسب أن يُطلب منه ضمن القنوات المتعارف عليها تفسيراً و تبريراً لما صرح به؟

وأياً كانت الأسباب والمبررات، فأنا لا أرى أن إعفاءنا من الـ"شينغن" سيكون إنجازاً حضارياً يبرر هذا التسابق والاندفاع للحصول عليه، ولا أرى أن ذلك سوف يضيف الكثير إلى سمعتنا الدولية، ومكانتنا بين الدول، وهي مكانة كانت استحقاقا لدور الكويت في دعم المشروعية الدولية، ودعم جهود السلام والتنمية في العالم، وجهودها في العمل الإنساني الذي استحقت عليه أن تكون مركزا للعمل الإنساني.

أقول ذلك حتى يتوقف الاستجداء للحصول على إعفاء من تأشيرة يمكن الحصول عليها من السفارات، ومن لا يحصل عليها لن يخسر شيئاً، فأرض الله واسعة، والكويتيون محل ترحيب في دول العالم من مشرق الشمس إلى مغربها.

ثم لنذهب إلى كلمة سواء، من لا يرحب فينا لا نرحب به، ومن يطلب منا تأشيرة دخول نعامله بالمثل، وهذا منطق العلاقات الدولية، لكن أن يكون حصولنا على إعفاء من تأشيرة دخول الى دولة، وكأنه قضية وطنية، طالما توالت بشأنها التصريحات من كل جانب، فهو ما يجب أن يتوقف، ويكون لنا موقف جريء يحفظ مكانتنا، ولنرد على سعادة سفير ألمانيا "لا نريد إعفاءكم".

واعتقد أن جزءاً من المشكلة فينا، وليس فيهم، فالعلاقات الدولية شأن متبادل، والتوازن والعدالة فيها يتوقف على قدرة أطرافها في الحصول على مقومات وعناصر القوة والنفوذ. وأنا لا أقصد هنا القوة العسكرية، لكنني أقصد القوة "الناعمة" التي تتمثل بتماسك صلب في الجبهة الداخلية، واقتصاد حقيقي قوي، وثقافة وطنية راسخة، وسياسة خارجية مؤسسية فاعلة، وموقع متقدم في المؤشرات الدولية، ومثلها من المقومات التي تصنع دولا مؤثرة.

والحقيقة أن الحصول على إعفاء من الـ"شينغن" هو أمر جيد ويسهل علينا الحركة، لكنه في الوقت ذاته أمر يمكننا الاستغناء عنه، وإذا ما عملنا على توفير مقومات نهوضنا وتقدمنا، فهذا الأمر وغيره سيكون سهل المنال.

والقول الفصل في كل ذلك، هو أننا لا يجب أن نتوقف عند موضوع الـ"شينغن"، وألا نوليه أكثر مما يستحق، وما هو مستحق بالفعل هو أننا اليوم بحاجة ماسة الى انطلاقة جديدة، ومن دون تأجيل أو تأخير.

انطلاقة وطنية حقيقية، وعلى جميع الأصعدة نحو بناء كويت جديدة، تعيد لنا أمجاد ماض كنا به مضرب المثل، وتكرس فينا الثقة والتفاؤل.

آخر الأخبار