حوارات
يوجد دافع نفسيّ محدّد وراء كل تصرّف إنساني مستقيم أخلاقيّا، أو مُنْحَرِف عن جادة الصواب الأخلاقي، وبَطَر النِّعْمَة هو تصرّف سلبيّ ومعوجٌّ أخلاقياً يمارسه بعض الأشخاص في أغلب المجتمعات الإنسانية.
خصوصا حين يظهر على فرد، أو مجموعة أفراد التكبُّر والإعجاب الشديد بالنفس، لا سيما بسبب حصولهم المفاجئ على الثروة، أو عندما تنتقل أوضاعهم إلى حال أفضل بين ليلة وضحاها، مما يؤدي أحيانا ببعض النفر الى الاستخفاف بالنِّعَم، وبالذّات ما أتت لهم بعد تجربتهم للفقر الشديد والمُذِلّ لسنوات. لكن بدلاً من تقديرهم لما يتنعّمون به حالياً من رغد العيش، ووفرة المال، والشعور بالأمن والطمأنينة، ستلاحظ أهل البَطِرْ يقولون ويعملون عكس ذلك تماماً.
ومن بعض الأسباب والعواقب الوخيمة لبَطَرْ النِّعْمَة، نذكر ما يلي:
-أسباب بَطَرْ النِّعْمَة: ينبع بطر النِّعمَة من وجود استعداد نفسيّ مسبّق في قلب البَطْران يجعله مُتَأَهّباً للانغماس في سلوكيّات عدم تقدير النِّعَم، وأحيانا لأسباب وراثيّة، أو بسبب ما تمّ اكتسابه من البيئة المحيطة به، فيرافق ويعاشر البَطِرْ عادة أشخاصا يشابهونه في نفسياتهم المتململة بَطَرا.
وما يُحفِّز تصرّفات البَطَرْ هو النَّشأة في بيئة أسرية سلبية، أو ربما لشحّ نفس أحد الوالدين أو كلاهما، أو بسبب اِنحطاط البيئة المحيطة أخلاقيّا بسبب ندرة التديّن الحقيقي أو لشيوع البخل الشديد فيها، ورواج الحسد المرضيّ، أو لانتشار تصرّفات القسوة والرغبات النرجسية في بسط السيطرة على الآخرين، وبَطَرْ النِّعْمَة لا يسقط من السماء ولكنه ينتج عن تصرفات بشرية اختيارية.
-العواقب الوخيمة لبَطَرْ النِّعْمَة: أبرز عواقب البَطَر على حياة الانسان هو التحوّل التدريجيّ للنِّعَم التي لديه حاليا الى نِقَمْ، والعياذ بالله، وعلى شكل استياء نفسيّ عام في حياته، واضطراب علاقاته مع أقربائه بسبب تكبّره عليهم، وسعيهم الى بسط سيطرته عليهم، ولاستصغاره لهم، فلا يرى البَطِر الآخر سوى منافس له ويجب عليه إذلاله ولو بشكل غير مباشر.
وربما ينتهي أمر البَطِرْ المُتكبِّر الى الخسران الذاتيّ والاجتماعي بسبب أنه مُنفصل عن الواقع، ويمشي مختالاً فوق وتحت جلود الناس وكأنه من الهَوَامّ، ممقوت ومُتجنَّب!
كاتب كويتي
DrAljenfawi@