الجمعة 18 أكتوبر 2024
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
وطِّنوا الوظائف... وأَجزلوا عطاءها
play icon
الافتتاحية

وطِّنوا الوظائف... وأَجزلوا عطاءها

Time
الاثنين 15 يوليو 2024
View
140
أحمد الجارالله

توطين الوظائف أمر مصيري في أي دولة، ولهذا عليها أن تعمل من أجل هذا الهدف، والدستور الكويتي نص في المادة 26 على أن "الوظائف العامة خدمة وطنية تُناط بالقائمين بها، ويستهدف موظفو الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة، ولا يولى الأجانب الوظائف العامة إلا في الأحوال التي يبينها القانون".

للأسف، إن هذه المادة تعطلت منذ عقود، لأن الاستعانة بغير الكويتيين قامت على الفوضى، فإذا كانت هناك حاجة إلى غير مواطن في مهمة ما فإن ذلك يكون موقتاً، وليس دائماً.

من هنا، على الحكومة النظر في هذا الأمر، والبحث في الجهاز الوظيفي بالقطاع العام، وتوزيعه وفق حاجة سوق العمل أولاً.

ثانياً، عليها الاتجاه نحو تعزيز مشاركة المواطنين في القطاع الخاص، وليس الاكتفاء بالتعيين العشوائي في قطاعات ذات منفعة أكبر من غيرها للموظف، ومنها تخمة القطاع النفطي لأن كادره الوظيفي لديه مزايا أكبر من غيره.

في المقابل هناك شعار باطل درج على ألسنة الكويتيين، وهو "أن الكويتي لا يشتغل بهذه المهنة أو تلك، ويأنف منها"، فيما الحقيقة غير ذلك، فلقد أثبتت تجربة الاحتلال، رغم قصرها زمنياً، أنه قادر على العمل في كل المهن، فلقد رأينا الخباز والحلاق، والميكانيكي، وغيرها يعمل فيها المواطن.

هذه الفرصة لم تستغل طوال العقود الثلاثة الماضية، بل الأدهى من ذلك، أن الاستعانة بغير الكويتيين توسعت إلى حد أتخم الجهاز الوظيفي الحكومي بالأجانب، فهل يعقل أن دولة صغيرة قليلة عدد المواطنين، مثل الكويت، يكون عدد مواطنيها 1.518 مليون نسمة، يحتاجون إلى 2.858 مليون عامل أجنبي لخدمتهم؟

صحيح، أن الحكومات المتعاقبة رفعت شعار "التكويت" لكنها التفت عليه من النافذة حين أباحت الاستعانة بشركات توظيف لتعيين الموظفين غير الكويتيين المستقيلين من القطاع العام في الوظائف التي كانوا يشغلونها، وبالتالي زادت التكلفة المالية عليها.

في هذا الشأن، أذكر بإحدى المناسبات في سلطنة عُمان، وكان يحضرها المغفور له، السلطان قابوس بن سعيد، رحمه الله، وخلال فقرة استعراض الخيول، أحدثت بعضها روثاً، فجاء عامل فلبيني لتنظيفها، وما إن رآه السلطان حتى سأل أحد المساعدين عنه، ولماذا لا يكون العامل عُمانياً؟

قال المسؤول إن هذا راتبه نحو 300 دولار أميركي، بينما المواطن لا يعمل في هذه المهنة، وراتبه نحو ألف دولار، فأمر أن يعمل العمانيون وبرواتب مجزية في كل المهن.

لهذا ترى اليوم في كل السلطنة العمالة وطنية، يعمل العُمانيون في سيارات الأجرة وفي الفنادق وغيرها من المهن الشريفة، أيضا في البحرين يعمل المواطنون في كل المهن، ولا يعيبهم العمل الشريف.

في السعودية، وبعد قرار السعودة أصبحت نسبة العاملين من السعوديين وفي كل المهن نحو 70 في المئة، ولقد دخلت النساء في الكثير منها، حتى هناك سائقات سيارات أجرة، وتعزز المستوى المعيشي للسعوديين.

مشكلة الكويت، متعددة الأوجه، أولاً، تعدد الكوادر الوظيفية في القطاع العام، وثانياً عدم وجود رؤية لتوطين المهن والوظائف، وثالثاً، ليس هناك حوافز لعمل المواطنين في مختلف القطاعات، العامة والخاصة، رابعاً، دعم العمالة الوطنية العشوائي، وعدم الرقابة، وخامساً عدم جدية الحكومة في كل هذا.

لهذا كله ستبقى الدولة تعاني، فإذا كانت الحكومة الحالية جادة في معالجة أزمة استنزاف الاحتياطي العام فعليها النظر في هذه المشكلات ووضع الحلول الجدية لها، فتوطين الوظائف والمهن أولى درجات الاستقلال والقوة لأي دولة.

آخر الأخبار