الجمعة 18 أكتوبر 2024
29°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 محمد الفوزان
كل الآراء

رجال بأمة ...أحمد رحمت الله الهندي

Time
الأربعاء 17 يوليو 2024
View
100
محمد الفوزان
قصص إسلامية

"مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا"(الأحزاب:23)

في عام 1818 ولد شيخ هندي كبير اسمه محمد رحمت الله ابن خليل في مدينة كيروان في الهند، وحين جاءت حجافل الإنكليز ليحتلوا الهند، أرادوا أن ينشروا التبشير ليضمنوا ألا تقوم عليهم ثورات، ويتم تطويع الشعوب وتدجينهم، ولأن أبناء الإسلام أغلبهم لا يقبلون الذل، فقد جلب الإنكليز العديد من القساوسة والمنصرين وعلى رأسهم القس الأب فندر الذي كان مشهورا بفصاحته وغزارة علمه.

بدأ هذا القس، ومن معه، في تنصير المسلمين وإلقاء الشبهات والاتهامات على الإسلام، فتصدى لهم الشيخ محمد رحمت الله، وطلب عقد مناظرة علانية على الملأ ليناظر القس فندر.

فتجمع جمع حاشد من عشرات الآلاف من الهنود (مسلمين وهندوس) في العاصمة الهندية "دلهي" في أكبر مناظرة عرفتها الهند، فظن هذا القس أن الفرصة أصبحت مواتية له ليُنصَر عشرات الآلاف دفعة واحدة، لكن حدثت المفاجأة!

بدأ القس المناظرة بكيل سيل من الاتهامات للإسلام، وسب النبي (صلى الله عليه وسلّم) والطعن فيه، ولما انتهى من كلامه غير اللائق، بدأ الشيخ محمد رحمت الله يدحض تلك الاتهامات الباطلة الواحدة تلو الأخرى، حتى إذا ما انتهى بدأ مرحلة الهجوم الكاسح على هذا القس ليقرأ في كتابه المقدس ما يُثبت نبوّة محمد(صلى الله عليه وسلم)، وبطلان ألوهية عيسى.

كان الشيخ يقرأ من أسفار الكتاب المقدس سِفراً سِفراً لساعات عدة بلا تلعثم، لتتعالى صيحات التكبير من عشرات الآلاف.

ما إن فرغ من كلامه حتى تقدم مئات الهندوس ليعلنوا إسلامهم بعد هزيمة القس الساحقة، ولتشتهر هذه المناظرة في جميع انحاء العالم، ثم يهرب الشيخ محمد رحمت الله متخفياً إلى مكة بعد أن رصدت القوات الإنكليزية مكافأة قدرها ألف روبية لمن يستطيع القبض عليه.

وفي مكة استقبله المسلمون وأكرموه، وطلبه الخليفة العثماني عبد العزيز خان لمقابلته ليقص عليه ما حدث في المناظرة ليفرح به الخليفة، ويكرمه، ويطلب منه تدوين أحداث هذه المناظرة في كتاب على نفقة الخليفة شخصيا، وبالفعل دوّن الشيخ محمد رحمت الله أحداث هذه المناظرة في كتاب سماه "إظهار الحق"، ليجده بعد نحو قرن ونصف القرن شاب اسمه احمد ديدات، وتتغير حياته بعد قراءة هذا الكتاب ليصبح الداعية الإسلامي الأول، الذي إذا ذكر اسمه في المناظرات ارتعدت فرائص الآخرين في جميع أنحاء العالم.

توفي الشيخ رحمت الله الهندي ثم المكي العثماني في مكة المكرمة ليلة الجمعة 22 من شهر رمضان المبارك عام 1308 هجرية (1 مايو 1891ميلادية)، ودفن في المعلاة مقبرة مكة المكرمة بالقرب من أم المؤمنين السيدة خديجة، عن عمر يقارب خمساً وسبعين سنة.

رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

 إمام وخطيب

[email protected]

آخر الأخبار