حوارات
وَصَفَ الشاعر الحكيم صالح بن عبد القدوس (رحِمه الله) صاحب الشخصية المُراوِغة بأدقّ الأوصاف في قوله: "لا خَيْرَ فِي وُدِّ امرِئٍ مُتَمَلِّقٍ، حُلْوِ اللسَانِ وَقَلْبُهُ يَتَلَهَّبُ، يَلْقَاكَ يَحْلِفُ أنَّهُ بكَ وَاثِقٌ، وإذَا تَوَارَى عَنْكَ فَهْوَ العَقْرَبُ، يُعْطِيكَ مِنْ طَرَفِ اللِّسَانِ حَلاوَةً، وَيَرُوغُ عَنْكَ كَمَا يَرُوغُ الثَّعْلَبُ".
والشخص المُراوِغ هو كثير المكر والتلاعب في كلامه وتصرّفاته، وهو أيضا غير السوي أخلاقياً بسبب اِنغماسه المستمر في الخداع والتحايل على الناس، وهو شبيه بالثعلب الذي يُراوِغ لاصطياد فريسته.
ومن بعض صفات صاحب الشخصية المُراوِغة، وبعض الطرق المناسبة للتعامل مع الكائن البشريّ المُراوغ، نذكر ما يلي:
-صفات صاحب الشخصية المُراوِغة: يتّصِف هذا الشخص بصفات محدّدة "تميّزه"عن الأسوياء أخلاقياً ونفسياً، مثل ميله الى الغِشّ، والتلاعب، والخداع أثناء تعامله مع كل الناس، فهذه السلوكيّات السلبيّة أصبحت شبه ثابتة في كل تفاعل إنساني-إنساني يكون فيه المُراوِغ طرفاً فيها، وهو يسعى الى خداع الفرد الآخر بسبب استمتاعه وانتفاعه بذلك، وليس بسبب أنه مُجبرٌ على فعل ذلك، بل هو مُدرِك بوضوح لنتائج ولعواقب تصرّفاته، ليس بسبب تأثير البيئة المُحيطة به، لكن بسبب أنه شخص ماكِرٌ بقصدٍ، يتعمّد نصب الكمائن لضحاياه مُستغلاًّ غفلاتهم.
ويبدو لمن يتعامل معه للمرّة الأولى، وكأنّه إنسانٌ مثاليُّ الأخلاق بِاِمْتِيَاز، ويغلب على هذا النوع من الأشخاص السامِّين في عالم اليوم المضطرب انتفاء الالتزام الذّاتيّ بالقيم وبالأخلاق المتعارف عليها في المجتمع الإنساني الطبيعي، وتملّصهم من المسؤوليات والواجبات الأخلاقية، وإختلاسهم النظرات على حين غفلة من الناس، وعيونهم مُراوِغة، ونفوسهم أمّارة بالسوء باختيارهم، لا يبدون يحلّلون أو يُحرِّمون إذا ارتبط الأمر بالكسب غير المشروع.
-التعامل المناسب مع الشَّخص الْمُرَاوِغ: قال أجدادنا العرب القدماء "من لم يَرَ باطِناً يَعِشْ واهِناً"، وحري بالعاقل ألاَّ يُسلِّمَ عقله وقلبه الى الآخرين بلا رويّة، والشّخص المُرِيب سيكشف عن نفسه لك لو تأنيّت للحظات في إصدار أحكامك الشخصية النهائية على من تتعامل معهم. وحريّ بك ألاَّ تثق إطلاقًا بمن عُرِف عنه التحايل والمُرَاوَغة أو تتخلى عن حذرك تجاهه، وتجنَّب دائما ما ترى منه ما يُريبك.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@