25 سنة وتتوالى الإنجازات المغربية، بتوجيهات من الملك محمد السادس، الذي أخذ على عاتقه منذ تولي الحكم، وهو شاب إذ كان عمره 36 عاماً، أن تكون المملكة رائدة في الحداثة، وبناء دولة قادرة على التغلب على الصعوبات، مهما كانت التحديات.
لقد استطاع العاهل المغربي أن يجدد علاقات بلاده مع محيطها الأفريقي، ويتحدى العقبات التي وضعتها قوى إقليمية أمام بلاده، لقناعته بأن المغرب، وفق موقعه الستراتيجي، وطبيعته المتنوعة، هو البوابة الذهبية للقارة السوداء، وأيضاً بوصلة التغيرات في قارة عانت الكثير طوال قرون، وآن لها أن تبدأ النهوض.
رغم صغر سنه، وكذلك التغيرات الهائلة سياسياً واقتصادياً، حينذاك، إلا أنه استطاع الحفاظ على التقاليد الموروثة منذ العام 1666، من الحكم العلوي، فيكون أميراً للمؤمنين، ويدرك مدى صعوبة المهمة الملقاة على عاتقه من خلال الإرث الإسلامي، لهذا عمل على إقامة العدل في مملكته.
كما أنه سعى إلى تحقيق ذلك حتى بين المكونات الاجتماعية المختلفة، فعدل، وأصبح بين أبناء شعبه أيقونة التحضر والتقدم في المعارف كافة، لأنه أخذ من التعليم المتطور وسيلة تقدم مجتمعي، وأظهرت النخب المغربية المنتشرة في العالم أهمية ذلك، لأنها أصبحت رقماً صعباً معرفياً وعملياً.
كل عام، في مناسبة عيد العرش، يعد الملك محمد السادس شعبه بالمزيد من الإنجازات، ويفي بذلك، بل إنه يتابع ميدانياً الإجراءات ونسبة الإنجاز، وينتقد المُقصر، ويوجه النشيط إلى المزيد من العطاء، ولهذا تجد العاهل يزور سنوياً نحو 50 مدينة مغربية كبرى، لأن الهم الأساسي هو تحديث كل الأقاليم.
رغم الحروب والأزمات التي مرّت بها المنطقة الأفريقية والعربية، أكانت حرب المياه، أو جائحة "كورونا" التي أعيت الجيران، وسوء فهمهم، وغيرها من التطورات، إلا أن المملكة استطاعت التغلب على التحديات كافة، أو تنطلق من جديد في علاقات دولية متميزة.
وإذ يقال إن إبداع الإدارة في اختيار المساعدين، وهو فن يتقنه الرجال الذين يعملون بإصرار من أجل وطنهم، وعلى هذا الأساس اختار المخزن، وبتوجيهات من الملك، المساعدين والخبراء الوطنيين، الذين يعملون من أجل بلادهم في كل القطاعات.
لا يكتفي الملك محمد السادس بالمتابعة الميدانية فقط، إنما يقف على هموم الناس من خلال لقاءات شعبية معهم تقوم على المصارحة والشفافية، وبالتالي فإن 25 عاماً من الجهود ظهرت في عموم المغرب، وأسست لنهضة كبيرة على كل المستويات.
لقد اختارت الأقدار هذا الشاب ليكون على رأس حكم مملكة لها تاريخها الطويل القائم على التعاضد الوطني بين القصر الملكي والشعب، ولقد أثبتت مسيرة التحرر ذلك من خلال الالتفاف الشعبي حول المغفور له الملك محمد الخامس، رحمه الله، الذي قاد مقاومة الاستعمار، وحاز الشعب استقلاله، وكذلك أثبتت ذلك المسيرة الخضراء التي قادها المغفور له الملك الحسن الثاني، رحمه الله، كيف تكون الوحدة الوطنية، وتجلياتها، ولهذا تنعم المملكة اليوم بالكثير من النهضة مع الملك محمد السادس، لأن البناء أقيم على أسس صلبة.
ولأن استقرار الدولة يقوم على النزاهة في الإدارة، فإن الحرب على الفساد التي قادها الملك، ها هي تؤتي أكلها، ولهذا فإن الشعب أوكل هذه المهمة الصعبة إلى مليكه، المتمتع بنخبة من أعضاء بيت الحكم المغربي، الذي كله صقور في الدفاع عن بلدهم، وفي طليعتهم ولي العهد الأمير الحسن بن محمد، الذي له بسطة في الجسد والعلم والفطنة، فهذا الشبل من ذاك الأسد.
لهذا، فإن الاحتفال بعيد العرش هذا العام له طابع خاص، لأنه يوافق اليوبيل الفضي لحكم الملك محمد السادس.