إن الهدف الرئيسي للاقتصاد، اي اقتصاد، هو تحقيق مستوى معيشي مناسب للمواطن، ومؤشرات ذلك الهدف اسعار السلع والخدمات (التضخم)، وخلق فرص العمل، ومستوى دخل الفرد، وضبط هذه المؤشرات والتحكم بها لتكون بالمستويات المناسبة يقع ضمن اختصاصات راسم السياسات المالية والنقدية والاقتصادية اي انها اختصاص تنفيذي اساسي للحكومة.
وقد كنت اتمنى على وزير المالية، في لقاءاته وتصريحاته المختلفة، التركيز والشرح الوافي لهذه المؤشرات ذات الصلة بمعيشة المواطن، التي من شأن توضيح التعامل معها بسياسات ناجعة ان تنقل التوقعات المعيشية للمواطن من حالة القلق الى اليقين والرضى والاطمئنان لمستقبله ومستقبل اسرته، الا ان ذلك لم يحدث، فذكر اموراً مهمة ولم يذكر اموراً مهمة كذلك.
في ظل عدم وضوح ذلك، فإن توقعات المواطن السلبية لتلك المؤشرات تكون آثارها اكثر مما هي عليه في الواقع، وذلك يؤثر من دون شك سلباً على النشاط الاقتصادي، وهذا ما نشاهد نتائجه على ارض الواقع.
ومن المشاهد، التنامي في توجه الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة للشباب الكويتي الى الدول الخليجية الشقيقة، او بحثا عن فرص عمل تلائم مواهبهم واختصاصاتهم، ونحن نعلم انهم ابلوا بلاء حسناً هناك، في وقت نحن في أمس الحاجة للمواهب الشبابية، وليس اقل من ذلك، توجه ذوي التخصصات المهنية العالية، كالاطباء والمهندسين والفنيين، الى ممارسة مهنهم خارج البلاد.
ان عدم الاسراع في تحسين بيئة الاعمال، وعدم تحفيز الموهوبين من ذوي المهن، والبطء في اصلاح الاقتصاد لتوليد فرص عمل حقيقية، سيؤدي الى تنامي هذه الظواهر، لنصل الى ما يعرف بـ"هجرة الأدمغة"، وستكون خسارة لاهم مورد تنموي من مواردنا، وهو المورد البشري.
ان إصلاح اوضاع الموازنة هو امر مطلوب، وقد اشار وزير المالية الى اجراءاته في ضبط الانفاق، الا ان معالجة هذا الامر ينبغي ان تكون في اطار اصلاح اقتصادي حقيقي نواجه به التحديات، ونحسن من خلاله المستوى المعيشي للمواطن، ونرفع به تنافسية اقتصادنا الوطني.