السبت 15 مارس 2025
23°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
لا يكفي سجن اللصوص... نريد ردَّ الأموال
play icon
الافتتاحية

لا يكفي سجن اللصوص... نريد ردَّ الأموال

Time
الثلاثاء 30 يوليو 2024
View
240
أحمد الجارالله

كي تكون مكافحة الفساد، خصوصاً نهب المال العام، ذات جدوى، لا بد لها من أسنان وأظافر، أما إذا استمرت على العقوبات البسيطة، فذلك سيدفع الحرامية إلى المزيد من ارتكاب الجرائم، وبالتالي "لا طبنا ولا غدا الشر".

فمن يتابع أعمال القضاء الكويتي يجد أنه مكبلٌ بقوانين عفى عليها الزمن، لأن المجرمين استطاعوا، بفعل خبراتهم الطويلة في السرقة، تلافي الثغرات القانونية، رغم ذلك، هناك قضاة يصدرون أحكاماً رادعة، تشكل علامة فارقة، لأنهم يثبتون قواعد تحتاج إلى أن تصبح قوة قانونية، وهذا ليس موجوداً في القانون الكويتي، الواجب تعديله، وعصرنته كي يواكب المتغيرات الحاصلة.

في هذا الشأن، هناك مثال واضح، إيطاليا التي حين عمّها الفساد، واستشرى نهب المال العام، عملت على تحصين عمل القضاة من خلال قانون رادع، ولذلك استطاعت أن تحوز في السنوات الأخيرة مرتبة متقدمة في مكافحة الفساد، وتمنع الاستيلاء على المال العام.

أما سويسرا التي حين اكتشفت تراجع تصنيفها في مؤشر مكافحة الفساد، سرعان ما عملت على تطوير قوانينها، وسدّ الثغرات، ما جعلها تحتل مراتب متقدمة في هذا الشأن.

أما خليجياً، فأذكر جيداً منذ نحو 15 عاماً أن أجهزة الرقابة في دبي اكتشفت بعض المسؤولين الفاسدين، يتربحون من المال العام، وممن استغلوا وظيفتهم من أجل مصالح خاصة، حينها أصدر الشيخ محمد بن راشد أمره فوراً للقضاء كي يحقق في ذلك، ويصدر أحكاماً قاسية على الفاسدين، ومنذ ذلك اليوم، بدأت تتصدر الإمارات مؤشرات الشفافية عالمياً.

في مجال آخر، كلنا نعلم مفاعيل الإجراءات التي اتخذها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وبتوجيهات من الملك سلمان، للقضاء على الفساد والنهب من المال العام، كيف استطاع من خلال وضع الفاسدين والمتهمين في فندق "ريتز" الرياض تحت الإقامة الجبرية، فمن تعاون مع الدولة وأعاد الأموال المنهوبة أفرج عنه، ومن رفض ذلك، سيق إلى السجن بعد محاكمة علانية على ما اقترفه من جريمة ضد الدولة، وقد نشرت الأسماء والتهم في الإعلام.

بفضل ذلك، استطاعت الحكومة، يومها، استرجاع ما يزيد على 200 مليار دولار، بين أصول عينية وأراض، وأموال، وغيرها، ولقد ضخت كلها في البنية التحتية والمشاريع الإنتاجية التي تخدم الاقتصاد الوطني، فيما في قطر، فإن الأحكام التي صدرت على وزير المالية السابق، وأحد الشيوخ، وغيرهما من المواطنين، كانت درساً قاسياً لمن تسول له نفسه ارتكاب أي مخالفة في هذا الشأن.

في الكويت، ولأن القانون ليس رادعاً بما فيه الكفاية، فإننا عندما نسمع عن اختلاسات مثبتة بأحكام قضائية، وبعضها يزيد على 50 أو 60 مليون دينار، وثمة من اختلس نحو مئة مليون دينار، ندرك مدى الحاجة إلى أن يكون للقانون أسنان وأظافر، إذ إن أغلب حرامية المال هربوا إلى الخارج، وفيما بعضهم كشف عنه الشركاء في السرقة، بعدما طلعت عليهم الشمس حين اختلفوا على قسمة الحصص، فكل هؤلاء وغيرهم كانوا يحلبون الدولة حتى مصّ دمها، بينما لم تطلهم المحاسبة لسنوات كثيرة، حتى أمنوا العقاب فأساؤوا للوطن.

لهذا، حين نطالب بنشر أسماء الفاسدين، والجرائم التي ارتكبوها، وأن تعمل الحكومة على استرداد الأموال المنهوبة منهم، فهي لا شك ستستفيد منها، أقلها في دفع الغرامات عن الغارمين الذين سُجنوا لقاء شيك من رصيد بألفي دينار أو ثلاثة، وكذلك تعمل على تنفيذ مشاريع طال انتظارها جراء العجز في الموازنة.

  • أحمد الجارالله
آخر الأخبار