السفر ثقافة

شفافيات

في الاسفار قديما قالوا: يكتسب المسافر في اسفاره العلم والمعرفة والصحبة والصداقة؛ كما يكتسب الثقافة.

ومن الاسفار تتحصل المعرفة بالتجارة والبيع والشراء؛ ويتحصل اكتساب الآداب العامة واخلاقيات السلوك.

استقللنا انا وأهلي قطاراً من لندن قاصدين اسكوتلاندا، حيث قررنا ان نقضي كل اجازتنا فيها، لما سمعنا عنها من جمال الطبيعة الأخاذ، ومن حسن معاملة اهلها للغريب، وحبهم للمساعدة وغير ذلك الكثير.

لكننا اخطأنا قليلاً في ركوب القطار المناسب اليها؛ وكان معنا حقائب عدة فوق المتوسطة، انا وزوجتي فقط؛ وبينما نحن نروح ونغدو بحثا عن القطار الذي يناسبنا، واذا برجل كبير في السن قارب الثمانين من العمر ينادينا، وهو يتوجه الينا قائلاً: اين وجهتكما فقلنا له وجهتنا اسكوتلاندا؛ فتناول من ايدينا حقائب عدة، واخذ يسحبها بكل لطف ومودة، ويقول"الحقوني. حاولت جاهداً وشاكراً له ان امنعه من حمل امتعتنا لكبر سنه، وايضا فصاحب الشيء اولى بحمله؛ لكنه اصر ان يحمل معنا حقائبنا وهي ثقيلة؛ حتى اوصلنا الى مكان محدد في محطة القطار، وقال: اجلسا وانتظراني ها هنا؛ وذهب لشأنه وعاد بعد نحو عشر دقائق، وقال: من هنا ستركبان الى اسكوتلاندا، ولما وصل القطار قال: انتظرا ليست كل العربات مناسبة لكم؛ فلما وصلت احدى العربات، مقابل لنا، قال: اركبا دائما في مثل هذه العربة من القطارات، لان فيها أماكن مخصصة متسعة للحقائب الكبيرة.

ثم اشار الينا بالوداع، ولم يظهر عليه ابدا انه كان يريد اي مقابل لما فعله، وقد عرفت فيما بعد أن البريطانيين عموماً يتربون على حب مساعدة الغير، ومنذ نعومة اظفارهم، فالتربية المنزلية قبل المدرسية تربيهم على ذلك. كنا تستقلنا احيانا عربات في القطارات غير معدة لحمل الحقائب الكبيرة، وكنا نغلق بها الطريق في تلك العربات ونضايق الناس دون قصد؛ حتى ارشدنا هذا الموظف في المحطة الى نظام العربات وطبيعتها.

اوليس هذا يعتبردرسا عظيما في الاخلاق، وفي حب مساعدة الغير؟ اي مدرسة كانت ستعلمنا هذا اكثر من مدرسة هذا الانسان الانساني البريطاني الكريم؟

كاتب كويتي