يتصل بك مسؤول، ويقول إن ما كتبته "خوش كلام، ويجب أن تعمل عليه الدولة لأنه يفيد الناس"، ومن الطبيعي أن تعتقد أنه سيعمل على تنفيذ هذا الاقتراح أو ذاك، أو أضعف الإيمان أن يطلب من مستشاريه إخراج الدراسات التنموية من الأدراج للبدء في تنفيذها.
نحن هنا لا نتخيل، ولا نحلم، إنما هذا هو الواقع، لذلك صدقت المقولة القديمة: "قولوا ما تشاؤون ونحن نفعل ما نريد"، فحرية الرأي مكفولة، لكن المشورة المجانية ممنوعة، وكفى الله المؤمنين القتال.
رغم ذلك، نعود إلى طرح موضوع "التأمينات الاجتماعية"، وما يمكن أن تقدمه للاقتصاد الوطني، وللشعب، ولنحو 140 ألف متقاعد، ترعاهم، وتنفق عليهم.
في المقابل، لا بد من أن تكون لديها نخبة من الرجال الأكفاء ممن لديهم خبرة طويلة في الاستثمارات، كي يعززوا صندوقها المالي، وأن تمنح الأدوات الكافية لتنفيذ مشروع ضخم يساعدها في سد العجز.
صحيح أن حكومات في السنوات الأخيرة منحت المؤسسة بعض قطع الأراضي لاستثمارها، لكنها ليست كافية، فهي لن تسدد هذا المبلغ الكبير، الذي يصل إلى نحو 70 مليار دولار.
الدليل على ذلك أن في كل عام هناك أزمة بالزيادة للمتقاعدين، رغم أنها قليلة جدا، وهي أشبه بحبة مسكن لمرض مستمر، فيما المواطن المتقاعد لا يريد أكثر من أن يعيش ما تبقى له من الحياة من دون مشكلات، ولا ديون، أو قروض يعجز عن تسديدها، فتمارس عليه الجهات الدائنة الإكراه البدني، ومنع السفر، وغيرها مما تقره القوانين المتخلفة.
من دون شك أن معاناة المتقاعدين أكبر بكثير من النظريات والشعارات، فيما المؤسسات المشابهة في العالم لديها قوة استثمارية ترفد بها الدولة بالكثير من الأرباح، كما هي الحال في الصناديق الاجتماعية الأوروبية، وبعض الخليجية، ففي الإمارات التي دخل صندوقها التقاعدي في الصناعات وبناء العقارات، والطرق وغيرها، التي تدر عليه الكثير من الأموال، والأمر نفسه ينطبق على المملكة العربية السعودية، وكذلك الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي في البحرين.
لهذا، حين نكرر القول إن "التأمينات" يمكنها الاستثمار في البنية التحتية، والمشاريع الكبرى، فذلك ليس ضرباً من الخيال، إنما هو واقع لكنه يحتاج إلى مرونة قانونية، أولا، وثانيا أرضية يمكن للمؤسسة الانطلاق منها.
لهذا، إذا منحت لها، مثلاً، تطوير جزيرة بوبيان، أو فيلكا، وأنشأت فيهما مشاريع ترفيهية، أو منتجعات سياحية، أو غيرها من الخدمات، أو تشييد مدن عمالية، وغيرها من الاستثمارات التي تدر عليها المال، فهي ستزيد من رعايتها للمقاعدين، وكذلك ستدر على الدولة المال من الرسوم التي تحصّلها، كما أنها لن تكتفي فقط بسد العجز الاكتواري الذي يزيد كل سنة، بل أيضا ستكون قادرة على تنشيط الحركة الاقتصادية في البلاد.
لهذا، نوجه كلامنا إلى سمو رئيس مجلس الوزراء، ومن بيدهم الأمر، فنقول: من الملاحظ في كل التقارير والدراسات أن الكويت لا تستفيد من الفرص المتاحة، وكأنها مركونة على رصيف الزمن، غير قادرة على فعل أي شيء، فيما العالم يسير نحو المستقبل بسرعة الضوء، لذا نسأل: إلى متى تبقى بعض الأذرع المالية الكبيرة تعاني من العجز، ولماذا لا نساعد أنفسنا؟