الجمعة 18 يوليو 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
قصة البصمة الثالثة... المُضحكة
play icon
الافتتاحية

قصة البصمة الثالثة... المُضحكة

Time
الثلاثاء 06 أغسطس 2024
View
1160
أحمد الجارالله

في إقرار "البصمة الثالثة" بالقطاع العام، وجب السؤال: هل إلى هذا الحدّ فشل جيش المسؤولين، من وزراء ووكلاء ووكلاء مساعدين، ومديرين، ومفتشين، ومن في حكمهم، في مراقبة إنتاجية الموظف، وهل هذه البصمة تساعد على زيادة ذلك، أم أنها لزوم ما لا يلزم؟

حقيقة، هذا فشل إداري لا يمكن لأحد تبريره، وجيش الموظفين إما أنه لا يريد العمل، وإما هناك عدم ثقة في الموظف، وفي كلا الأمرين، تلك كارثة لن تحلها "البصمة الثالثة"، بل إنها تدل على عدم ثقة المسؤولين التنفيذيين في مقدرتهم على حض مرؤوسيهم على العمل، لأن الموظف على دين مسؤوله.

فعندما يقفل المسؤول باب مكتبه ولا يتابع أعمال الموظفين، وشؤون المراجعين، فيختار رمي الكرة في ملعب مرؤوسيه من خلال هذا النوع من الحلول، لعجزه عن محاسبتهم.

"البصمة الثالثة" ليست موجودة في أي دولة، وهي ابتكار كويتي خالص لتعزيز البيروقراطية، والتكاسل، لأن الموظف سيثبت وجوده، لكنه لن ينتج، وما أسرع الحجج التي يسوقها لعدم أداء مهماته!

ومن المعروف أن المسؤول يجب أن يكون قدوة لموظفيه، وبالتالي إذا كان هو لا يؤدي واجبه، فلا شك أن من هم دونه لن يعملوا، وفي هذا الشأن أذكر حادثة جرت في إمارة دبي عام 2012، إذ كان الحاكم الشيخ محمد بن راشد في جولة صباحية على بعض الدوائر، وهو أثبتها في تغريدة حينها، إذ قال: "مررت بدائرة حكومية بشكل مفاجئ، فتعجبت من كثرة المديرين خلف الأبواب المغلقة، فأمرت بنجار في اليوم نفسه فخلعها كلها، وأزالها".

وقبلها بأربع سنوات، كان الشيخ نفسه في زيارة مفاجئة للمجلس التنفيذي للإمارة، واكتشف أن تسعة مسؤولين ليسوا في مكاتبهم، فأمر بإقالتهم فوراً، وإجراء تغيير جذري في طريقة إدارة الإمارة.

العبرة من ذلك ليس التشديد لمجرد التشديد، إنما من أجل إثبات القدرة على خدمة المواطن، وأداء المهمة الموكلة إلى الموظفين، لكن حينما يعجز المسؤول عن ذلك، لأنه لا يستطيع محاسبة المُقصر، إما لأنه "من الربع" أو "معين بالواسطة"، أو غيرهما من الأعذار، سيلجأ إلى هذا النوع من الحلول الدالة على الفشل الإداري، فمهمته ليست المتابعة فقط، إنما عليه حض موظفيه على الإنتاج.

وفي هذا الشأن، ثمة قصة تنطبق على هذا الجيش من المسؤولين لدينا، وهي أن عاملاً كان يعمل بنشاط يومياً ويبدأ باكراً، فاستغرب المسؤول من كفاءته فيما يعمل من دون إشراف، فقال: كيف سيكون إنتاجه إذا وجد من يشرف عليه، فوظف مشرفاً عليه، فكان أول قرار له وضع نظام للحضور والانصراف، ووجد نفسه في حاجة إلى توظيف سكرتارية لكتابة التقارير.

هنا استنتج المسؤول وجود مشكلة في الأداء، فعين خبيراً في التطوير الإداري، فكان أول قرار تعيين مساعد شخصي لمساعدته في وضع الخطط والستراتيجيات التطويرية.

وحين راجع المسؤول تكلفة التشغيل وجدها أصبحت عالية عما كانت عليه في السابق، فاستعان بمستشار إداري ومدقق داخلي لإيجاد الحل المناسب، وبعد شهرين من الدراسة اتخذ القرار بالاستغناء عن العامل، وهكذا انهارت الشركة، وقصة "البصمة الثالثة" لا تختلف عن حكاية العامل، فهل هناك من يتعظ؟

  • أحمد الجارالله
آخر الأخبار