الجمعة 18 يوليو 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 أحمد الجارالله
الافتتاحية

أهمِلوا الحسابات الوهمية نريد أكل العنب لا قتل الناطور

Time
الأحد 11 أغسطس 2024
View
190
أحمد الجارالله

تختلف النظرة إلى وسائل التواصل الاجتماعي في الغرب عما هي عليه عربياً، بل ليس كله لكن بعض دول الخليج، ففي الدول الديمقراطية ليس هناك أي خوف ممن ينشر في تلك الوسائل، بل يجري النقاش حول الفكرة وهل هي صحيحة أم لا، أما الذين ينشرون بأسماء وهمية، فلا يهتم أحد لهم، لأنهم يرونهم كذبة.

في بعض الدول الخليجية، يعامل مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي على أنهم تهديد مصيري للدولة ككل، خصوصاً أصحاب الحسابات الوهمية، فتبدأ الملاحقات، ويُحكم على بعضهم بالسجن لمدد طويلة، هذا إذا وجدوهم، فيما لا يلتفت إلى ما قاله هذا الشخص، أكان صحيحا أو مجرد ترهات و"خبال"، وبينما المعادلة بسيطة في هذا الشأن، لو كان هذا "صاحي" لنشر باسمه الحقيقي، ولم يتستر خلف تعريفات وهمية.

لهذا، أستغرب من تلك الحملات على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الوهميين، وكيف يصبحون بين ليلة وضحاها "أشهر من نار على علم"، لأن الملاحقات تجعلهم أبطالاً، ويصبح لديهم مدافعون عنهم، وتنشغل بهم المخافر، وكذلك النيابة العامة والمحاكم، فيما الأمر غير ذلك في الغرب والدول الديمقراطية، ليس هناك مبدأ "خذوه فغلوه".

لا شك أن هذه الممارسة لها ثمنها الباهظ، لأنها تشغل مؤسسات رسمية عدة وتكلفها المال والوقت الكثيرين، إضافة إلى أنها تزيد من شهرة صاحب الحساب الوهمي، الذي يعتبر في نظر "المخابيل" أمثاله، أنه بطل، ما يعني تقليده، لأن الشهرة مغرية جداً.

أحاول هنا أن أبسط الفكرة، كي يدرك العامة، وكذلك صناع القرار، أن وسائل التواصل الاجتماعي فيها جوانب جيدة، فهي ليست للمديح فقط، إنما من أجل التنوير بشأن مشكلة يجب حلها، وكذلك مناقشة ما يفيد المجتمع والشعب والدولة.

في الكويت، اشتهرت بعض الحسابات الوهمية، وكان يديرها مستفيدون من الوضع السلبي الذي كان سائدا قبل الإجراءات التي اتخذها صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، حيال تعليق مجلس الأمة، وعدم العمل ببعض المواد الدستورية، إذ قبل ذلك كانت أي إشارة لتعديل الدستور تعتبر من المتمصلحين أنها "كفر" والعياذ بالله، وأنها انتهاك للديمقراطية، وأن المطالبة بإنصاف الكويتيين من خلال رفع الدعم، وزيادة رواتب أصحاب الدخل المتدني، أنها مسّ بجيب المواطن.

وكان في كل ذلك أصحاب الحسابات الوهمية يؤججون الناس كي يركب الموجة أحد النواب الذي لديه مصلحة ما في الأمر، فيما الحقيقة أن المسؤولين يجب ألا يضيق صدرهم من أسماء وهمية، أما إذا كان هناك شخص أعلن هويته واضحة، فتدرس ما ينشره، فإذا كان صحيحا تعالج المشكلة، أو يناقش في الأمر.

نقولها صريحة، بعد الإجراءات التي اتخذها صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد حتى السير انتظم في الطرقات، وخفتت تلك الأصوات المزعجة، بل وانعدمت، ولهذا على مجلس الوزراء أن يسير في برنامجه كما يريد ويرى صاحب السمو، ولا تنشغل مؤسساته بترهات، فيما على الوزراء كافة أن يعيروا ما تنشره الصحف الأهمية الكبرى التي أصبحت اليوم هي صوت الشعب، بعد وقف مجلس الأمة، فالسم سم يحاذره كل الناس، والعسل يقبل عليه الجميع، والشعب يريد أكل العنب، وليس قتل الناطور.

آخر الأخبار