اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" اسماعيل هنية في طهران، واغتيال احد قادة "حزب الله" في بيروت، وقبلهما العدوان الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق أودى بحياة خمسة قتلى بينهم قيادي بارز في "الحرس يبين، من بين أمور أخرى، اليد الطويلة للآلة العسكرية الإسرائيلية وقدرتها على انتقاء واقتناص أهدافها بدقة ويسر مدفوعة بمعلومات استخباراتية.
وذكرتنا هذه الاعتداء بعملية اغتيال صالح العاروري في بيروت جراء قصف مسيرة إسرائيلية، وهو زعيم بارز أيضا في حركة "حماس"، وعمليات أخرى طالت مسؤولين وقياديين عسكريين إيرانيين.
و قد سمعنا كثيراً عن ردود فعل انتقامية، إلا أننا لم نر عمليات إيرانية مثيلة موجهة لقيادات عسكرية أو مدنية إسرائيلية، فهل تقضي ما تسمى بـ"قواعد الاشتباك" بمنع ذلك، وهل عمليات الرد الإنتقامي تمارسها إسرائيل دون غيرها؟
إذ لا يكفي أن ترد إيران على عمليات إسرائيلية عبر الـ"بروكسي"، أو عبر تهديدات بالانتقام مثل ما تداولته وسائل الإعلام بعد قصف القنصلية الإيرانية في دمشق.
ويذكرنا هذا الوضع كذلك بتصريحات وجولات وزير الخارجية الإيراني السابق بعد بداية الحرب على غزة، وما صاحبها من حلفاء إيران في المنطقة من أعمال عسكرية محدودة التأثير والنطاق، ولم تفلح تهديدات إيران ولا عمليات حلفائها في وقف العدوان الإسرائيلي على غزة.
فغزة و"حماس" بالتحديد من حلفاء إيران ذاقوا ويلات ودمار الحرب بسند "تكتيكي" مراوغ من الحلفاء، لم يؤد الى وقف العدوان، ولا إدخال المساعدات ولا وقف إطلاق النار.
أنا هنا لست بصدد الانتقاد، أو التحريض، أو الدفاع عن أحد، لكني أتساءل: ماذا جنى أهل غزة من التصريحات النارية، وهم يواجهون عدواً فتاكاً مارس ضدهم كل أشكال الدمار والعنف؟ بل ماذا جنى أهل سورية، وهم يتعرضون للقصف المتتالي دون مبرر، والأمر ينطبق كذلك على الأشقاء في اليمن، ماذا جنى كل أولئك من التصريحات إلا الزج بهم في آتون أعمال عسكرية متكررة يذهب ضحيتها الأبرياء؟
أما آن الأوان لإعادة ترتيب الأوراق في منطقتنا، ووضعها على الطريق السليم والتعاون والبناء، وأما آن الأوان لجهود مشتركة إقليمية تنتشل المنطقة من العنف والتهديد والتوتر من خلال مبادرات السلم والتعاون، أم ستبقى منطقتنا من صراع إلى آخر، ومن حرب إلى أخرى، تدفع الشعوب ثمنا باهظا لها؟