الْإِنْسَان الظَّالِم والْاِغْتِرَار بِحِلْمِ الله

حوارات

"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ" (لقمان 33).

يغترُّ الانسان الظّالِم بحِلم الله عزّ وجلّ فيتمادى في ظلمه عبر إساءته المتعمّدة للآخرين، بلا أن يردعه ضمير أو خوف من عقاب الآخرة.

بل يقترف بعض بني البشر المضطربين روحياً وأخلاقياً السّوء في حقوق أنفسهم بسبب تمكينهم الاختياري لأنفسهم الأمّارة بالسّوء.

ومن بعض علامات من يغترّ بِحِلم الله تعالى، وكيفية خروجه من مستنقع الظُّلم، قبل فوات الأوان، نذكر ما يلي:

- علامات اغترار الظّالم بحِلْم الله: يُبالغ الانسان الظّالم في ظلمه للآخرين حتى يبدأ ينفصل عن الواقع المحيط به، ويبدأ يعتقد أنّ ما هو عليه من جَوْر وتعسّف وعُدوان على الناس وسلب لحقوقهم هو الحقّ والصّواب، وسيعقب هذا الاعتقاد النرجسيّ المفرط سقوط سريع في هوّة الحياة الدنيويّة البائسة حيث لا يوجد استقرار نفسيّ حقيقي، أو اطمئنان روحيّ فعليّ، وحيث يتقلّب الظالم طوال وقته على لظى كراهية نفسه وشعوره المرير بالوحدة الشديدة وبالخواء الروحيّ القاتل.

ومن علامات الاغترار بحلم الله عزّ وجلّ تصوِّر الظّالم أنه كامل جسمياً وروحياً وأخلاقياً وفكرياً، حتى يصل به غروره الى درجة شعوره بالخلود المتخيّل.

فمن ينخدع بحلم ربّ العباد تجاه تصرّفاته الظّالمة ربما ينسى حتميّة الحقّ (الموت)، وستجد المُغترّ بتجبّره ومناعته وحصانته من العقاب الدنيويّ أو الأخرويّ يتعرّض لانقلابات حياتيّة مفاجئة تقلب نفسه المتجبِّرة رأساً على عقب، ربما خلال لحظات قليلة، أو بين ليلة وضحاها، ومن يغتر بظلمه وبتجبّره سيغيب عنه استدراج الله تعالى له لكي يُفرِط في معاصيه وذنوبه بينما تنهمر عليه النِّعَمْ الدنيويّة من كلّ مكان.

- الخروج من مستنقع ظلم النفس والآخرين: لا يتطلّب الخروج من مستنقعات ظلم النفس وظلم الآخرين سوى توقّف الظّالم عن ظلمه، وبردِّه لحقوق الناس، وبسعيه لعيش ما بقى له من عمر في طاعة ربّه وطلب مغفرته قبل أن يعجز عن ذلك.

كاتب كويتي

@DrAljenfawi