حوارات
يشارك الانسان حياته الخاصّة في الـ"سوشيال ميديا" عندما يجعل للآخرين الغرباء نصيباً في معرفة شؤون وأسرار حياته الشخصية.
وتمثل هذه الظاهرة السلبيّة والموضة الرائجة في عالم اليوم، نوعاً من الهوس، ودليلاً على الاصابة بالاضطرابات النفسيّة والأخلاقيّة.
ومن بعض أسباب وعواقب جنون بعض النفر في مشاركة شؤون حياتهم الخاصّة في الفضاء الإلكتروني، نذكر ما يلي:
-عقدة النّقص ولفت الانتباه في الـ"سوشيال ميديا": يجسّد شعور المنغمس في هوس مشاركة حياته الخاصة مع الناس الغرباء في شبكات التواصل الاجتماعي، دلالة واضحة على وجود عقدة نقص لديه، تتمثل في سعيه المهووس الى لفت انتباه، واكتساب موافقة وتأييد المتابعين له، بسبب تجذِّر إحساس داخلي لديه أنه لا قيمة له كإنسان ما لم يقبله، ويؤيّده، ويوافق على ما يقوله، ويفعله، الآخرون.
-الفراغ الفكريّ والنفسيّ والحياة التافهة: لا ينشر المرء العاقل معلومات عن حياته الخاصة في الفضاء الإلكتروني بسبب إدراكه حماقة هذا الفعل، ولأنه منشغل بعيش حياته بشكل كامل ومجزٍ له ولمن يهمه أمرهم.
أمّا من ليس لديه أولويات وأهداف حياتية واضحة يسعى الى تحقيقها، وبسبب ذلك يشعر بالفراغ النفسيّ، سيعتقد أن لا بد له من إطلاع كل الناس على ما يقوله ويفعله في حياته اليومية التافهة، ولظنّه أنّ هذا الأمر سيُضفي على ما يفعله من أمور تافهة في حياته الخاصّة قيمة معنوية ترضيه، وشتّان بين من هو فارغ فكريّا ونفسيّا، وبين من هو واثق بقيمة ما يقوله ويعمله في حياته.
-القدوات السيّئة في الـ"سوشيال ميديا": يقلّد بعض المضطربين فكرياً من يعتبرونهم قدوات لهم في الـ"سوشيال ميديا"، بسبب اعتقادهم الخاطئ أنّ كلام وتصرّفات القدوات السيئّة أكثر إثارة مما تقوله، وتفعله وتساهم فيه القدوات الحسنة في الـ"سوشيال ميديا".
-عواقب نشر الحياة الخاصة في هذه الوسائل: مشاركة شؤون الحياة الخاصة عبر شبكات التواصل لها عواقب وخيمة، مثل اندثار الشعور بالخصوصيّة، والتعرّض للاستغلال وللابتزاز على أيادي ضعاف النفوس، والاصابة بالاكتئاب، وكشف الثغرات النفسيّة والفكريّة (نقاط ضعف الشخصية)، وزوال الحِشْمة، وذهاب الحياء، وموت القلب، وربما التساهل في فعل المعاصي.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@