الاثنين 16 سبتمبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 محمد الفوزان
كل الآراء

غمد سيف نور الدين في فلسطين

Time
الأربعاء 28 أغسطس 2024
View
60
محمد الفوزان
قصص إسلامية

تُطرح ‭ ‬‮المبادرات‭ ‬تلو‭ ‬المبادرات‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭، ‬أو‭ ‬في‭ ‬التصريحات،‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬يتغيرّ، ‬وقد طُرحت المبادرة الأخيرة من المفاوضات ‬بمراحلها ‬المتعددة،‭ ‬فيأتي‭ ‬النقض‭ ‬من‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬لتدخل‭ ‬كل‭ ‬مبادرة‭ ‬ساحة‭ ‬التلاسن،‭ ‬وتبادل‭ ‬الأدوار‭ ‬بين‭ ‬قبول‭ ‬ورفض،‭ ‬ويستمر‭ ‬العدوان، والإبادة ضد المدنيين العزل! ‬

عالم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انكشف‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬آليات‭ ‬نظامه‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬إصاباته‭ ‬الخطيرة‭ ‬بالكساح‭ ‬والجمود،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬‭ ‬المقترحات‭ ‬والمبادرات‭ ‬والمفاوضات ذاتها ‬بين‭ ‬ذات‭ ‬الأطراف،‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬فشلها‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هدنة‭ ‬كاملة‭ ،‬ينتهي‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬العدوان،‭ ‬ويعلن‭ ‬‮"‬الكيان‭ ‬الصهيوني‮" ‬انسحابه‭ ‬من‭ ‬غزة،‭ ‬ويتم‭ ‬تبادل‭ ‬نهائي‭ ‬للأسرى،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يتحقق‭!‬

‬الضجيج‭ ‬يملأ‭ ‬العالم،‭ ‬والقصف‭ ‬الدموي على الأطفال والنساء ‭ ‬يتواصل،‭ ‬ولعبة‭ ‬المفاوضات‭ ‬لا‭ ‬تنتهي،‭ ‬ولا‭ ‬تصل‭ ‬إلى نتيجة تذكر.‬

لقد كان أسلافنا من قبل على دراية بتكتيكات مفاوضات العدو من قبل، ففي ‏سنة 541هجرية الموافقة لسنة 1146ميلادية، أرسل جوسلين الثاني، حاكم إمارة الرها الصليبي، رسالة إلى نور الدين زنكي، يطلب منه ترك نيته مهاجمة الرها والجلوس لمفاوضات سلام!

يحاول مخادعة السلطان نور الدين زنكي، فما كان من نور الدين إلاّ أن أرسل له غِمْد سيف من سيوفه التي يحارب بها عادة، وقال له: "يا جوسلين، خذ هذا الغمد وسوف آتي إلى الرها لأضع سيفي فيه مرة أخرى، ولن يطول هذا الأمر"!

استهزأ جوسلين الثاني بتصرف نور الدين زنكي حيث كانت الإمارات الصليبية الأخرى وعدته بإمدادت جعلته يغتر بقوته، لكن ‏لم تمر إلاّ أيام قليلة إلاّ وكان نور الدين بجيشه في قلب مدينة الرها، ويفر منها جوسلين الثاني هارباً في آخر لحظة، قبل أن يدخل نور الدين قلعة المدينة، ويأخذ غمد سيفه الذي أرسله الى جوسلين منذ أيام قليلة، ويعيد سيفه إلى غمده مرة أخرى كما وعد نفسه!

‏وإرسال نور الدين زنكي غمد سيفه لعدوه له معنى مهم عند المسلمين وقتها واليوم وهو: أن المقدسات لا تسترد بالمفاوضات، والاجتماعات، والشجب، والإدانات، والمماطلات، بل بالسيف والقتال!

ومن يظن أن هذه المفاوضات والاجتماعات، والإدانات، والمناورات تعيد مقدساتنا المحتلة، وتُخرج المحتل الغازي فهو واهم.

‏نعود الى نور الدين زنكي، اذ لما سألوه سبب إرسال جراب سيفه، ومن أين أتته الثقة أن يفعل ذلك؟

قال لهم: "قلتها وأنا أحسن الظن بربي وأثق في رجالي، فإن أنا انتصرت ووفيت بما وعدت به، وأعدت سيفي إلى غمده، فهو خير، وغير ذلك هو الموت، فهي إحدى الحسنين، إما الموت وإما الشهادة، وقتلانا في الجنة وقتلاهم في النار، وساعتها لن أكون بينكم فيعاتبني أحدكم عن وعدي".

‏يابني: إن القلم والقرطاس وحده لا يدافع عن عرض، ولا يسترد حقاً.

وهذه الحادثة وردت في كتب عدة، منها كتاب "نور الدين محمود... سيرة مؤمن صادق" لحسين مؤنس، وكذلك كتاب "نور الدين محمود زنكي... شخصيته وعصره"، للدكتور علي الصلابي، وكذلك "الكامل في التاريخ". لابن الأثير.

$ إمام وخطيب

آخر الأخبار