حوارات
"وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا" (الشمس 7-10).
يشير وصف الإصلاحي في هذه المقالة الى الشخص العادي، من لا يحمل أي صفة رسمية في المجتمع، ومن يُقدِّمُ نفسه في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي قنوات الإعلام المرئي أو المسموع المحليّة، أنه إنسان إصلاحي يرغب فقط في إصلاح المجتمع، ويحدث أحيانا أن يكون هذا النوع من الأفراد المنفصلين عن واقعهم الحياتيّ الشخصي، والمفرطين للغاية في مطالباتهم "الإصلاحية"، هم الأكثر احتياجاً للإصلاح الداخليّ في حياتهم الخاصة، وفي تعاملاتهم مع الناس في الحياة العامّة.
ووفقًا لما تكشفه لي قراءتي المتواضعة عن الدوافع النفسيّة والسلوكيّات البشرية العامّة، توجد أسباب منطقية قويّة جداً تؤكّد أهمية تركيز الفرد العادي، في عالم اليوم، على الانشغال فقط بإصلاح نفسه، بسبب كون هذا الأمر أكثر نفعاً له من انشغاله بإصلاح المجتمع، ونذكر منها ما يلي:
-أسباب انشغال "الإصلاحي" بشؤون الناس الغرباء، وإهماله إصلاح نفسه: ينغمس البعض في الإعجاب الشديد بأنفسهم حتى يصلوا الى مرحلة الانفصال عن الواقع، ويبدأ هؤلاء يرون أنفسهم كالأكثر صلاحاً في المجتمع، ويبادر هذا النفر المتوهّم، والمُهمل لإصلاح نفسه داخليًّا، بحشر أنوفه في ما لا يخصّه أخلاقياً، فينصح هذا بلا دعوة منه، ويؤنّب ذاك، ويتّهم ذلك الانسان بالفساد، بلا أن يقدّم دليلاً قانونيّا على اتهاماتهم العبثيّة.
هؤلاء يصوّبون سهام نقدهم اللاّذع تجاه فئة من الناس، لا يوجدون سوى في مخيّلاتهم، ويتّهمونهم أنهم السبب الرئيسي لما يصفونه بفساد المجتمع، وما يدفعهم أساساً نحو هذه التصرّفات النرجسية المُفرِطة هو عشقهم للشهرة، والإثارة الإعلامية، ورغبتهم في أن يبقوا في دوائر الأضواء الاعلاميّة أطول فترة ممكنة.
-أهمية الانشغال بإصلاح النفس: الإنسان العاقل اللّبيب مكلّف دينياً وأخلاقياً واجتماعياً بإصلاح باطنه وظاهره، بهدف إصلاح البيئة الاجتماعية التي ينتمي إليها.
ومن يخذل نفسه في موضوع إصلاح ذاته، لا يمكن له أن يساهم في إصلاح مجتمعه، ومن يعترف بحقّ نفسه عليه بالإصلاح الداخليّ لها، سيهتم بحقوق أسرته وأهله عليه، وسيترك الخَلْق لشؤونهم الخاصّة.
كاتب كويتي