الأربعاء 15 يناير 2025
17°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
قرارات أمير المرحلة حكيمة وهي بحاجة إلى عقول تفهمها
play icon
الافتتاحية   /   أبرز الأخبار

قرارات أمير المرحلة حكيمة وهي بحاجة إلى عقول تفهمها

Time
الأحد 01 سبتمبر 2024
View
340
أحمد الجارالله

كلنا شركاء في رسم المستقبل، وعلينا خوض التحديات لتحقيق ما أعلنه أمير المرحلة، صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد، فالكويت عاشت نحو ستة عقود من تضارب الصلاحيات، والتدخلات النيابية بعمل السلطة التنفيذية، فتحولت إلى مجرد منفذ لأوامر 50 نائباً، حتى ظن الجميع أن البلاد تُحكم من خلال 51 أميراً، إذ صور النائب نفسه الحكام بأمره، ولهذا جاء قرار سموه بتعديل الدستور ليعالج هذا الوضع الشاذ.

لا شك أن تلك العقود أثرت سلبياً على التنمية، وحتى الواقع الاجتماعي للكويتيين الذين وجدوا أنفسهم بين مطرقة لعبة المصالح، وسندان عدم اتخاذ مجالس الوزراء المتعاقبة أي إجراءات لوقف الزحف على صلاحيات الحكومة، ومنع التغول النيابي، فإقرار قوانين هدفها تغيير الثقافة الكويتية برمتها.

في المقابل، كانت دول الجوار الخليجية تعمل وفق رؤية واضحة، فيها الكثير مما يمكن البناء عليه، خصوصا في ما يتعلق بكل نواحي التنمية، إذ لم تقف عند الأصوات النشاز، فهدف قادتها المضي بالتنمية مهما كانت الاعتبارات، لهذا، مثلاً، عدلت قوانينها المتعلقة بالجنسية، أو الإقامة، لأن المقصود تعزيز روح الإنتاج، وليس الوقوف على أمجاد الماضي، فالإنسان ابن حاضره، ولقد صدق ابن الوردي حين قال:

"لا تقلْ أصلي وفصلي أبدا

إنما أصلُ الفتى ما قدْ حصلْ

قيمةُ الإنسانِ ما يحسِنُهُ

أكثر الإنسان منه أو أقل"

ولقد رأينا كيف دافعت الإمارات عن صاحب برنامج "Telegram" الروسي الأصل، الإماراتي الجنسية، بل علقت بعض الاتفاقيات مع فرنسا، لأن الإمارات، والمملكة العربية السعودية، ومملكة البحرين، تعمل من أجل الاستعانة بالعقول في سبيل التنمية المستدامة.

هذه الدول تستفيد من العباقرة والأدمغة التي، للأسف، نحن نطردهم، ولا نعير أي اعتبار لما يقدمونه للكويت.

لهذا، حين نقول إننا شركاء في رسم المستقبل، علينا أن نضع النقاط على الحروف، لأننا نسعى إلى التطوير، وهذا ما حدده صاحب السمو أمير المرحلة، من هنا لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام قدرات كبيرة، وأدمغة لامعة، من "البدون" وغيرهم يجري التضييق عليهم، لأن أحدهم يرى الدولة "بقرة حلوباً" من الامتيازات، ويجب ألا يشاركه فيها أحد.

فهؤلاء ذهبوا إلى دول أخرى استفادت منهم، ومن أدمغتهم، ومُنحوا أعلى المناصب، ومنهم أطباء ودكاترة، وفنانون، بل بعضهم من المستثمرين الذين كانوا في الكويت، لكن مع التضييق عليهم تركوها إلى حيث أرض الله الواسعة، فيما نحن نحتاج إلى مهن كثيرة، إذ كيف تبني دولة حديثة مشاريع كبرى، من دون عمالة ماهرة، وبدلاً من ذلك نحن "نطيّر" كل من يستطيع خدمة الكويت؟

نحن اليوم أمام أمير المرحلة، فسموه اتخذ قرارات شجاعة أنهت 50 عاما من الضياع في مؤسسات الدولة، و"التبجح" بأمجاد الماضي التي فيها الكثير من الغلو، وعدم تبصر للأخطاء التي تركتها الممارسات المنحرفة من سوء وتخريب اجتماعي واقتصادي، وسياسي.

توجيهات سموه واضحة، وهذا الأمر يحتاج إلى رجال يؤدون مهماتهم على أكمل وجه، ويدركون ماذا تعني الاستعانة بكل يد عاملة، ومهني ماهر، وعقل مفكر، ولهذا علينا ألا نغمض عيوننا عن الممارسات الخطأ التي بدأت تظهر خلال الأشهر الأخيرة، وهي لا تخدم الكويت، أكان في معالجة مشكلة مخالفي قانون الإقامة، التي ترهق المالية العامة، وكذلك أجهزة الأمن، فيما رأينا الفائدة العظيمة التي جناها القطاع الخاص من قرار السماح للعمالة المنزلية بتحويل إقاماتهم إلى شركات.

لهذا نكرر: ماذا يضير الدولة إذا عدلت قانون الإقامة، وجعلت نفسها الكفيل، بدلاً من أن يدفع الوافد ثمن التأشيرة، فيما الحكومة تفرض رسوماً على هؤلاء، ويعملون في البلاد، وتغلق ملف المخالفين، كما فعلت معظم دول العالم.

أيضاً، ماذا يضير وزارة التجارة أو القوى العاملة إذا كان هناك مقيم شريكاً لكويتي، حتى لو كانت إقامته "مادة 18"، ولماذا من وصل إلى 60 عاما، وليست لديه شهادة جامعية يمنع من العمل إلا إذا دفع المبلغ المرقوم؟

كل هذا يعني التضييق على الأعمال والمشاريع، وطرد الخبرات من الكويت، فهل يعقل أن من عمل 30 عاما، أفاد الكويت، عليه، بسبب قرار ارتجالي، أن يترك عمله ويطرد من البلاد؟

هنا نكرر السؤال، ماذا سيكون موقف الكويت إذا عاملتها الدول الأخرى بالمثل، أو منعت مواطنيها من القدوم إلينا، فهل تنفذ المشاريع بالشعارات؟

لا بد من رؤية واضحة لاستغلال الجميع في سوق العمل، وتسهيل عمل القطاع الخاص، خصوصا في ما يتعلق بالشهادات، فإذا كان صاحب الحلال يريد العمل مع شخص أمين، وحريص على عمله، فهل تطرده الدولة لأنه ليست لديه شهادة جامعية؟

لا شك أن هذه الإجراءات لا تخدم توجهات أمير المرحلة، بل أمير الحاضر وباني المستقبل، الذي يسعى إلى كل ما هو خير للكويت.

آخر الأخبار