الاثنين 16 سبتمبر 2024
36°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 أحمد الجارالله
الافتتاحية

الدستور والقوانين شاخت والأمير أعلن ثورته عليها

Time
الاثنين 02 سبتمبر 2024
View
370
أحمد الجارالله

‏لا يمكن أن تستقيم نهضة الدول من دون تحديث القوانين كافة التي كانت صالحة لزمن ما، فيما التطورات فرضت تعديلها كي تماشي الحاضر وتخدم المستقبل، مثلاً عندما كانت الكويت توفر الخدمات المجانية لشعبها، لم يكن عدد المواطنين كبيراً، وحين توسّعت في العمران لم تراع متطلبات ذلك، ما يفرض إعادة النظر نسبة إلى ما يحدثه هذا من عجز في الميزانية العامة للدولة.

على هذا الأساس، وتماشياً مع سعي أمير المرحلة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد، لتحديث الدولة، بدءاً من إعادة النظر في بعض المواد الدستورية التي جعلت المؤسسات الرسمية تقع في المحظور عندما أساء النواب صلاحياتهم، وصوروا أنفسهم أنهم حكام ظل، وتمادى مجلس الأمة في الزحف على صلاحيات السلطات الأخرى، كان الدواء المر لعلاج الظواهر الناشئة عن ذلك الخلل.

ولهذا، كان أمر أمير المرحلة، أمير الأوامر، لكي تبدأ ورشة التحديث بطرق صحيحة، ولهذا ثمة الكثير من القوانين واللوائح الواجب تعديلها، أولها على الإطلاق تعريف المحتاج للدعم، من دون الدخول في "معمعة" الكلام عن "عدم مسّ جيب المواطن"، لأن هذا شعار حق يراد به باطل، ولقد رأينا في أزمة الكهرباء، خلال هذا الصيف، كيف عجز مجلس الوزراء عن تأمين التيار لكل الناس، لأن الهدر أكبر من طاقة الدولة.

صحيح أن هذا الكلام فيه مرارة، لكن علينا الاعتراف، فالكويت من أفقر الدول في المياه، وكذلك تنفق مبالغ كبيرة على توليد الكهرباء، لكن عملا بالمثل الشعبي "مال عمك ما يهمك"، فهناك الكثير من المواطنين الذين يسافرون في الصيف ويتركون الكهرباء تعمل في قصورهم ومنازلهم، لأنهم يعملون وفق مقولة "المجاني ممنهوش ضرر، فخذ منه على قد ما تقدر"، وهذا مفهوم فاسد ساد بين الناس.

الأمر نفسه ينطبق على دعم التموين، إذ إن الغالبية العظمى من الكويتيين في غنى عنه، لكن هناك من يرفضون رفعه بحجة "عدم مس جيب المواطن"، حتى أصبحت هذه المقولة على كل لسان، بل بعض الوزراء يرفعون ذلك الشعار لأنهم يخافون قول الحقيقة، فيما التكلفة تزداد سنوياً، ووصلت إلى نحو 7.5 مليارات دينار.

قلنا في مرات سابقة، ونكرر، إن أصحاب الدخل المتدني من الكويتيين، الذين منذ 15 عاما لم تزدد رواتبهم إلا بالنزر اليسير جداً، هؤلاء يقبلون على الاقتراض كي يستعينوا على قضاء حاجاتهم اليومية، فيما هم الأولى بالدعم المبرمج، وليس إطلاقه للجميع، فلن يضير أصحاب الملايين والثروات المكدسة في البنوك إذا رفع عنهم، فالمواطن الذي لديه أموال قارون، ويشارك في الهدر، وزيادة العجز، لن يقبل بالتخلي عن هذه "الغنيمة"، وذلك أفدح ضرراً من الخيانة العظمى.

غالبية المطالبين بـ"عدم مس جيب المواطن" هم أصحاب منافع تجارية أو غيرها، وكانوا يحرضون النواب على ذلك، لكن اليوم على الحكومة أن تنظر بواقعية، ففي سنة من السنوات كلف العلاج في الخارج نحو 1.5 مليار دينار، أي ما يعادل خمسة مليارات دولار، دفعتها وزارات الدفاع والداخلية والصحة، وكل ذلك جراء "الواسطة" النيابية، وغيرهم من أصحاب المصالح، الذين حلبوا بقرة المال العام إلى درجة أدموا ضرعها.

ولمعالجة كل هذا، لا بد من تحديث القوانين، فإذا كان أمير المرحلة اتخذ قرارات شجاعة، فعلى الوزراء السير على نهجه، فنحن اليوم بحاجة إلى تعديل كل التشريعات، من الإقامة والزيارة حتى الثقافة والترفيه، كي تواكب الكويت الحاضر وتسير بخطى ثابتة نحو المستقبل.

[email protected]

آخر الأخبار