الاثنين 16 سبتمبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 أحمد الجارالله
الافتتاحية

معانٍ كبيرة لترحيب الإمارات بالنائب الأول

Time
السبت 07 سبتمبر 2024
View
120
أحمد الجارالله

‏‏الذاكرة السياسية مليئة بالأحداث والشواهد على ممارسات أضرت بالكويت منذ مجلس الأمة الثاني إلى أشهر قليلة مضت، إذ كانت السلبيات أكثر من الإيجابيات، بل لعلنا لا نظلم أحداً إذا قلنا إن العقود الثلاثة الماضية خرجت غالبية النواب عن الأصول المتبعة في العلاقات بينهم وبين المسؤولين والمؤسسات، وحتى الشعب.

علينا الاعتراف صراحة بما خلفته ممارسة الفوضى تحت شعار الديمقراطية، إذ منذ الثمانينيات أصبحت الكويت شعوباً وقبائل، وتكرس ذلك بعد الغزو بأبشع الصور التي كانت تهدد استمرارية الدولة ككيان يستطيع أن يكون أكثر قدرة على التميز في محيطه، إلا أن ذلك لم يحصل، لأن الرؤى كانت قاصرة على صندوق الانتخابات، وليس على بناء هوية اقتصادية، وسياسية، واجتماعية موحدة لوطن.

صحيح أن المخلصين لهذا البلد، الذين اجتمعوا في مؤتمر جدة عام 1990، كانوا يتصورون أنهم قادرون على صياغة تلك الهوية، وأن الأجيال القادمة ستتعلم معنى الحفاظ على وطنها، لكن من بقي منهم صُدموا من الحال التي وصلت إليها البلاد، خصوصاً النكوص على العقد الاجتماعي القائم.

لهذا، من يزال منهم على قيد الحياة يتأسف على دفاعه عن "الديمقراطية المسخ"، وهم أول من طالب، منذ زمن، بالخروج من هذا المأزق، فيما كانت هناك قبل الغزو خطة للحاكم لتطوير الدستور لتحديث الممارسة الديمقراطية والبرلمانية، وذلك بعد دراسة معمقة، شاركت فيها نخب كثيرة.

كما أسلفنا، بعد الغزو تغيرت المسارات، بل بدأ البعض من النواب يعمل على تقويض العلاقات الاجتماعية بين المواطنين، وكذلك بين الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي، أكان بإثارة نعرات قبلية أو طائفية، أو حتى شتم بعض حكام تلك الدول، فيما راح الآخر يعمل على إثارة المشكلات مع الدول العربية، ويهاجمها لمجرد أن حزبه أو جماعته الطائفية أو السياسية تعارض سياستها.

للأسف، حين كانت تثار هذه الأمور في الزيارات الرسمية، فالحجة أن "هذه طبيعة نظامنا الديمقراطي، وللنواب وجهة نظرهم، ولا نستطيع منعهم من التعبير"، وهذا كان يدل على ضعف الدولة، ويثير حكام الدول الأخرى، التي كانت منزعجة، إلى حدّ جعلت العلاقات معها في أحيان كثيرة تتوتر، وهو ما يزيد من ضعف الكويت، في المحيطين الخليجي والعربي، وحتى الدولي.

ولقد نسي الجميع أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية كان أساساً فكرة كويتية، في مؤتمر عمّان عام 1980 حين طرح المغفور له الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، على المغفور له الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله، الأمر، وتبلور المشروع في تلك الليلة، ومن ثم بدأت الاتصالات مع دول المجلس، ولقد ولد هذا الكيان الخليجي الذي أثبت جدواه وقوته في مواجهة الغزو العراقي للكويت، إلا أن التنكر لكل ذلك بدأ من "الفوضى" البرلمانية والديمقراطية غير المسؤولة.

داخلياً، تراجع اقتصادنا، والبنية التحتية والخدمات، والتعليم وغيرها الكثير أصبحت مصدر فساد ممنهج لكل من هب ودب، وباتت الدولة العميقة تتحكم في كل مفاصل المؤسسات، فالنائب كان يصور نفسه الحاكم بأمره، يستطيع توقيف أي إجراء، ومنع أي وزير أو حتى رئيس مجلس الوزراء، من محاسبة أي فاسد، إلى حدّ تدخلوا في مخالفات المرور والجرائم، وهذا أدى إلى أن أصبح المواطن لديه ما يمكن تسميته "قوة أمر واقع" أكبر من قوة الدولة.

في المقابل، كلما حاول أياً كان الإشارة إلى الخلل، أو إلى المطالبة بتطوير الدستور، أو انتقد تلك الممارسات التي لا علاقة لها بالديمقراطية، كان يواجه كما لو أنه يكفر، وحتى إخراجه من الملة.

منذ شهر مايو الماضي، وما اتخذه صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، من إجراءات جريئة التي بدأت تأتي أُكلها، وهي مستمرة كي تعود الكويت إلى طبيعتها التي عرفت بها طوال القرون الماضية.

من الشواهد الحالية على هذا التطور المهم، ونجاح عملية الإنقاذ هذه، ما بدأنا نشهده في البلاد، وأيضاً عودة الكويت إلى دورها في "مجلس التعاون" الخليجي، فكل المسؤولين حالياً الذين يزورون أي دولة يُستقبلون على أعلى المستويات، وآخرها زيارة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع، ووزير الداخلية، الشيخ فهد اليوسف إلى الإمارات، والحفاوة التي استُقبل بها، فهي دلت على مدى التطور في العلاقات الكويتية- الخليجية، وهي أيضاً حفاوة بصاحب السمو الأمير الذي أنقذ بلاده.

صحيح أن زيارات الأمير إلى كل من السعودية وعُمان والبحرين وقطر والإمارات في بداية عهده كانت الإشارة الأولى إلى عودة الكويت إلى حضنها الخليجي، إلا أنها كانت أيضاً دلالة واضحة على المسارات الجديدة للكويت، وعلى مجلس الوزراء أن يستثمر ذلك بالمزيد من الانفتاح على الخليج والعالم، والأهم الانفتاح على الكويتيين، ويخرج البلاد من الآثار السلبية التي تركتها المرحلة الماضية.

آخر الأخبار