جابر المبارك، نعم الرجل الانسان، فقد عملت الى جانبه وعندما كنت نائباً، وكذلك عندما اصبحت وزيراً.
رحم الله جابر المبارك، سمو رئيس مجلس الوزراء الاسبق، فقد كانت علاقتي معه، منذ تسلمه منصب وزير الاعلام، قبل الغزو العراقي للكويت، وقد استمررت بالتردد عليه، لان شخصيته مريحة للمرء الذي يتعاطى معه، فهو كان يتميز بنقاوة، ولهذا بقيت على اتصال به، وأزوره حتى في مرحلة لم يكن لديه ديوان، إنما كان يجلس وحده في مثل الديوان أمام حديقة بيته.
كنت احرص على زيارته بين فترة، واخرى، ومضت الأيام واصبح رئيساً لمجلس الوزراء.
قبل ذلك جرت ثمة أحداث سياسية، لا سيما عندما كان وزيراً للدفاع، وكان هناك موقف سلبي، أو موقف معادٍ، غير متعاون معي، واعتقد ان ذلك بسبب اخرين حاولوا الايقاع بيننا، ولا اعرف طبيعة الامر، لكن يمكن القول ان هناك من اسر له انني محسوب على جهة ما، أو هو جهة حاسبني عليها.
يومها ذهبت الى مكتبه، وقلت له: "يا طويل العمر، علاقتنا ارسخ من أن يكون فيها جفاء بسبب أي معلومة وصلت اليك، فاذا كان اي امر قل لي، وبالمناسبة انا لست محسوباً على احد، أنا محسوب على عمل الخير والوطنية، ووضوح الرؤية".
لقد كان مرناً جداً، وظللنا على علاقة طيبة، وحين دخلت البرلمان شاركت في استجواب قدم لاحد الوزراء في حكومته، ولم يكن راضياً، الا ان سمو أخلاقه جعلته لم يقطع علاقتي به، بل كنا حين نلتقي ارى بسمته، وسلامه الحار.
مرة واحدة غضب مني، وكان كلامه "ناشف"، وذلك عندما اعتذرت عن عدم المشاركة في مجلس الوزراء، فقال، رحمه الله: "ما بكيفك يا ابني، اذا كل واحد اعتذر عن عدم المشاركة، يعني كلنا نجلس في البيت"؟
وظلت علاقتي معه جيدة، اذ كان يعرف انني لم اكن من النواب الذين يأخذون أو يطلبون منه شيئاً.
اذكر مرة بعد احدى جلسات مجلس الوزراء قال لي:
" ليش يشتكون عليك"؟ فشرحت له الاسباب، فقال رحمه الله: "هذا صحيح". فقلت: "طريقي هو مهمة رسمية، واخاف الله فيها، وهذا لن يرضي الجميع".
اجاب: "يا ابني كمل طريقك، وأنا وياك".
قلت: "يا طويل العمر راح يجي يوم ما تقدر تسوي شي، بس أنا أكون قد اكتفيت"، بعدما طلعت من الوزراء بقيت على اتصال وثيق بسموه.
لا شك ان بعض تصرفات المقربين منه، وكذلك صراع ابناء الاسرة اضرت به كثيراً.
نعم، فقدنا رجلا طيبا، كريما، محبا، ينزل الناس منازلها.
رحم الله الشيخ جابر المبارك، أخ كبير، وصديق، وحبيب، والهم الله أهله وذويه الصبر والسلوان، انا لله وانا اليه راجعون.