الأحد 11 مايو 2025
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 الشيخة حصة الحمود السالم الصباح
كل الآراء

سبتمبر ودفعة ستراسبورغ

Time
الاثنين 23 سبتمبر 2024
View
40
الشيخة حصة الحمود السالم الصباح

"قم للمعلّم وفّه التبجيلا...كاد المعلم أن يكون رسولا"، بهذا البيت الرائع المبجل افتتح أمير الشعراء أحمد شوقي قصيدته الشهيرة التي يمدح فيها المعلم، وقيمة العلم فى حياتنا كمجتمعات وأفراد.

هذه القصيدة قدمتها مكتوبة ابنتي الشيخة سارة صباح فهد الناصر الصباح بعد ترجمتها للغة الإنكليزية كهدية لإدارة جامعة ستراسبورغ في حفل تسلمها لشهادة دورة إدارة الأعمال الدولية فى القصر الجامعي لجامعة ستراسبورغ العريقة، هذه الدورة التدريبية المهمة التي شاركت فيها مجموعة من خيرة شباب الكويت، أبناء جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا.

والحقيقة أن رفقتي لابنتي الشيخة سارة كانت فرصة عظيمة للتعرف عن قرب على مدينة ستراسبورغ الفرنسية، وتاريخها العريق، ولقاء إدارة الجامعة، والحديث المشوق عن تاريخها، والذي يمتد لنحو خمسة قرون منذ عصر النهضة، ثم انقسامها إلى ثلاث مؤسسات تعليمية فى سبعينيات القرن الماضي، ثم إعادة دمجها فى كيان واحد مرة أخرى، وهى إحدى أكبر وأعرق وأفضل الجامعات على مستوى العالم، ويكفي أنه تخرج منها الكثير من حائزي جائزة نوبل.

زيارة القصر الجامعى العريق، والذى شيده المعماري الألماني أوتو وارث بأمر من الإمبراطور الألمانى فيلهيلم الأول، وهو رمز القوة والمعرفة، حيث استوحى مهندسه روح عصر النهضة الأوروبي في تصميمه من خلال تماثيل على الواجهة تكريماً للشخصيات الرائدة فى العلوم والفنون من عصر النهضة إلى القرن التاسع عشر.

وثانية محطاتنا كانت زيارة مقر البرلمان الأوروبي، وهو واحد من ثلاث هيئات تمثل السلطة التشريعية في الاتحاد الأوروبي، لكن تعود أهمية مقر ستراسبورغ لوقوعه فى إقليم الألزاس، والذي كان تاريخياً محل نزاع بين فرنسا وألمانيا، وهو يرمز للمصالحة بينهما.

ثالثة محطاتنا داخل المدينة العريقة كانت فى المجلس الأوروبي في قصر أوروبا، وهو منظمة دولية، وهدفها المعلن دعم حقوق الإنسان والديمقراطية، وسيادة القانون، وأهم هيئاته المحكمة الأوروبية المعنية بتطبيق الاتفاقيات لحقوق الإنسان.

ومع المحطة الأخيرة أعود مرة أخرى إلى ابنتى الشيخة سارة، وحفل تخرجها، والذي وافق ذكرى ميلاد ولدي الحبيب، المغفور له بإذن الله، الشيخ ناصر صباح فهد الصباح، رحمه الله وجعل الجنة مأواه، وكأن القدر جمع المناسبتين في يوم واحد، وهو يوم الجمعة المبارك كمواساة لي بين أبنائي الطلبة، وكم كنت أتمنى أن يكون ولدي الشيخ ناصر، رحمه الله وجعل الجنة مسكنه ومأواه، معهم كطالب وباحث، والحمدلله على قضاء الله ومشيئته.

على غير عادتي في مثل هذا التاريخ من كل عام أتواجد فى الحرم المكي لختم القرآن الكريم، وقد شاء القدر أن أتواجد هذا العام في الحرم الجامعي بين أبنائي طلبة الكويت المبتعثين، وكم كانوا نموذجاً للجهد والتفاني، وواجهة مشرفة للكويت لأنهم درع المستقبل، وجنود الوطن، ورغم تقلبات الطقس إلا أنهم لم يدخروا جهداً وكانوا يشجعون بعضهم بعضاً في أجواء من الشكر والثناء على إدارة الجامعة، ومرافقيهم المشرفين على الدورة التدريبية الباحثة الأكاديمية Sarah Hertzog، ومعها دكتور أحمد مليجي من جامعة الخليج، وهو ما لفت انتباه إدارة الجامعة لهذه الدفعة الاستثنائية المتميزة، التي وصفتهم بأنهم يتحلون بأخلاق الفرسان وسلاح المعرفة.

الحقيقة أن التعامل الراقي المهذب لإدارة الجامعة أمر يستحق أسمى آيات الشكر والتقدير، وقد أهديتهم مسبحة صناعة الكويت مصحوبة بشعار الكويت كرمز للتسامح بين كل المعتقدات والأديان.

وأحب أن أتوجه بالشكر والتقدير لإدارة جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا، كإحدى القلاع التعليمية المهمة في الكويت على هذا الجهد والتخطيط من أجل مستقبل مشرق لوطننا الحبيب، وعلى إتاحة الفرصة للتواجد والتعرف عن قرب على هذه المدينة العريقة وجامعتها الشهيرة.

وأخيراً أحب أن أقول إنه بالعلم والمعرفة تحيا الشعوب والأمم، وأن الاهتمام بالشباب، واستنفار طاقتهم هو المحرك للتقدم والتطور لخدمة المجتمع ورقيه واستقامته، وأن مكافحة الفساد في أي مجتمع تبدأ بالاهتمام بالمبدعين من الشباب، وإتاحة الفرصة لكي يتعرفوا على ثقافات الشعوب الأخرى، وعلومها، وكسر الجمود القبلي، والتطرف الديني المعطل لنهضة شعوب الشرق الأوسط بعامة، أو كما قال الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي: "إذا الشعب يوماً أراد الحياة...فلا بد أن يستجيب القدر".

كاتبة كويتية

آخر الأخبار