حوارات
قالت العرب قديماً: "من أبطره الغنى أذلّه الفقر"، ونقول في سياق تعامل الإنسان الحَلِيم مع بعض النفر السيّئ "من أبْطَره الحِلْم أذلّه الحَزْم".
يوجد فعلاً أشخاص مضطربون أخلاقياً لا يُقَدِّرون حِلْم وتسامح الحليم معهم، وتجاهله تطاولاتهم المقيتة، فيفسِّرون حِلْم الحليم، وتجاهله تعديّاتهم، وتصرّفاتهم السيّئة معه أنها دلائل على ضعفه وعدم قدرته على البطش بهم حينما يشاء.
ومن بعض إشارات البَطَر الدّافع للحزم وللشدّة، بهدف إعادة ضبط العلاقة مع من لا يستحقّ التسامح والحِلْم معه، وأسباب هذه الظاهرة السلوكيّة السلبية، نذكر ما يلي:
-إشارات: يميل البَطِر بحِلْم الحليم إلى التطاول عليه، وتجاوز حدود ما هو منطقيّ وأخلاقيّ في التعامل مع الناس، وستلاحظ هذا النفر المضطرب سلوكياً يندفع بشكل متهوِّر إلى تجاوز الحدود الشخصيّة للعقلاء وللحُلماء.
ويثب وثباً في كلامه معهم، وربما ينفش ريشه عليهم تخيُّلاً منه أنه أشجع منهم، بينما يستمر الحلماء في تجاهله قدر ما يستطيعون، حتى يصلوا في ضبطهم لأنفسهم معه إلى درجة لا يستطيعون تحمّلها.
ومن أسوأ أنواع البطر في هذا السياق، وربما كفر المرء، والعياذ بالله بنِعَمْ الأمن والأمان والاستقرار، التي يتمتّع بها في مجتمع يهنأ فيه بعيش رغيد، هو اعتناقه، باختياره لأيديولوجيّات فكرية أو طائفية أو عنصريّة، تتناقض مع قيم المساواة والعيش السلمي، والشعور بالأمن في مجتمعه الوطنيّ.
فهو يقابل حِلْم وطنه على ترّهاته وطيشه وشذوذه الفكريّ الاختياري، بنكران جمائل مجتمعه الوطنيّ عليه، فيصادق ويؤيِّد، ويدعم أعداء وطنه فكرياً وأحياناً مادياً، والعياذ بالله.
-أسباب البَطَر بحِلْم الحُلماء: يتجاوز بعض العقلاء الحُلماء حدود المنطق في عفوهم عن من تكرّرت إساءاته إليهم، ويؤدّي هذا الإفراط، إما في طيبة القلب، أو التسامح أو الحُلْم عن الجهلاء إلى تشجيع بعض ذوي العقول الغوغائية، والأخلاق الرِّعاعية إلى التّطاول والتغطرس عليهم، بسبب إعجابهم الشديد بأنفسهم، وظنّهم أنّ سكوت الحَلِيم عنهم دليل على رهبته منهم، أو هيبته لهم، فيتمادون في غيِّهم، ووقاحتهم، وتجاوزاتهم اللّا أخلاقية.
ومن أبْطَره الحِلْم أذلّه حَزْم الحَلِيم.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@