حوارات
يشير الإفراط في المخالطة في سياق علاقة الإنسان بالآخرين إلى تجاوز الحدود المنطقية، التي من المفترض أن تحكم بعامة العلاقات الفردية والاجتماعية، وكل ما سيتجاوز حدّه ينقلب حتماً إلى ضدّه. ومن بعض إشارات الإفراط في مخالطة الناس، وبعض أسباب هذا السلوك السلبيّ، وما هي مبادئ المخالطة الاجتماعية المجزية لكلا الطرفين:
-إشارات الإفراط مع الناس: تدلّ المبالغة في مخالطة عامّة الناس على عدم تقصِّي المرء لمن يألفهم، أو يجلس معهم، فيخالط البعض الحمقى ظناً منهم أنهم محصّنون ضدّ حمقهم، ويخالط البعض الأشرار اعتقاداً منهم أنهم لن يؤذوهم، ما داموا يلاطفونهم.
لكن من يجعل باب حياته الخاصة مشرعاً لكل من يهبّ ويدبّ إليه من العالم الخارجيّ، فهو لا يعرف ما هي حدوده الشخصية، وما هي أولوياته الحقيقية.
ويظهر على من يُفرِط في معاشرة كل الناس أنه لا يعرف بالضبط من هم أصدقاؤه الحقيقيون، ومن هم الذين يبغضونه أشدّ البغض، وسيتم استضعافه لاحقاً، وذلك لأن حَمِيق يعرف جَمَلَه!
-الأسباب: يعاني من يفرط في مخالطته للناس من شعور بالنقص عندما يجد نفسه وحيداً، فيحاول ملء وقت فراغه بجلب الآخرين إلى حياته الشخصية، بلا تدقيق، وكأنها ساحة عامة، وربما بسبب ما راج في البيئات الأسرية في فترة الطفولة، من اختلاط مفرط بالأسر الممتدة، حتى بدأ الطفل لا يعرف من هم أقرباؤه المقرّبون، ومن هم من لا يدين لهم بالتقدير المبالغ.
- خَيْر الْأُمُور أوسطها: يبني العاقل علاقاته الاجتماعية وفقاً لما هو وسطيّ، وسيعرف أنّ علاقاته مبنيّة على الوسطية والاعتدال، عندما يبقى فيها محافظاً على حدوده الشخصية، ولا يشعر بالإرغام على كشف أسراره، وأموره الشخصية الخاصة، ويزور غِباً ويزداد حُباً، وليس مطلوباً من اللبيب الإكثار من عدد معارفه وأصدقائه، لكي يشعر بالرّضا والطمأنينة النفسيّة، أو الثقة بالنفس، فربما تتحوّل كثرة المعارف سبباً رئيسياً في عدم شعور المرء بالخصوصيّة، أو أنه يملك وقتاً يختلي به بنفسه، وربما سيزيد الإفراط في مخالطة الناس من الإتكالية السلبيّة عليهم.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@