الأحد 13 أكتوبر 2024
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
النطق السامي أسرع من الزحف الحكومي
play icon
الافتتاحية

النطق السامي أسرع من الزحف الحكومي

Time
الاثنين 30 سبتمبر 2024
View
270
أحمد الجارالله

‏قبل العاشر من مايو، كانت لعبة المصالح تتقاطع على النفوذ في مجلس الوزراء، من خلال الضغط النيابي، ولهذا حين اتخذ صاحب السمو قراره الحازم تغيرت الأمور، إلا أن المشكلات والأزمات لا تزال على ما هي عليه، وهنا لا بد من المصارحة.

لذا نقول: منذ أربعة أشهر، ونتيجة الخطوة الأميرية الجبارة، كان على مجلس الوزراء أن يتحول إلى ورشة عمل تشريعية، رغم مشاغله التنفيذية، ويؤدي دوره في الإصلاح بموازاة تطوير القوانين اللازمة، فكما يعرف الجميع ثمة لجان عديدة تمارس دورها الاستشاري بشأن التشريعات المطلوب تطويرها، إلا أن هذا لا يظهر حتى اليوم، وكأننا ارتحنا من إزعاج النواب، وأصبحنا أمام إزعاج آخر، وبطء في الإنجاز.

منذ أكثر من عامين استعنت ببيت الشعر:

كالعيس في البيداء يقتلها الظما

والماء فوق ظهورها محمول

في نقد أوضاع الكثير من أبواب الهدر في الدولة، رغم أن حلولها موجودة، لكن يشاح النظر عنها كي لا ينزعج المتنفذون، وعلى هذا المنوال يبقى الإصلاح مجرد شعار، وهذا ظاهر للعيان في الهدر المالي على الدعم، أو سوء التعاطي مع القطاع الطبي عموماً، أو الخدمات كالكهرباء، وغيرها، فيما فضحت أشهر الصيف الماضية عيوبها، لكن يبدو أن المسؤولين يرتاحون أكثر إلى "الظمأ"، كي لا يبذلوا جهداً في تناول الماء عن ظهور العيس في هذه البيداء المغبرة بالكثير من عجاج الارتجالية.

أيضاً نحن نشكو من عدم زيادة الرواتب، وكذلك القروض التي قصمت ظهر المواطن، أما الرعاية السكنية فحدّث عنها ولا حرج، فيما إلى اليوم لم يجر أي تغيير، ولا ثمة ما يوحي بالخروج من المأزق، أكان في زيادة الرواتب، أو معالجة أزمة القروض.

في المقابل، ومنذ زمن، يطالب الجميع حسم هذه المشكلات التي لا تكلف الكثير، لا من الجهد، ولا المال، ومنها على سبيل المثال، أن تكون هناك شركات فيها حصة للدولة والشعب، على غرار الجمعيات التعاونية، ويكون المواطن المالك والمستهلك في الوقت نفسه، في القطاعات الخدماتية، كي تنخفض الفاتورة الكبيرة التي تدفعها الدولة هدراً من دون فائدة تعود على المواطن.

لهذا، أليس من الأجدى أن تكون هناك إدارة غير القطاع العام، مثلا، لمستشفى جابر وغيره من المرافق الصحية، وتستعين بكبار الأطباء في العالم، بدلاً من إرسال المواطنين للعلاج في الخارج، أو الإفساد الممارَس في التأمين الصحي الذي عليه الكثير من علامات الاستفهام، خصوصاً بعدما ظهر الفساد في "عافية" وقد أثبتت التجربة أنها كانت باباً كبيراً للهدر، وهي لفائدة المستشفيات والعيادات الخاصة، أكثر منها لخدمة المتقاعدين؟

لهذا اليوم المطلوب من مجلس الوزراء منع الذين يضعون العصا في عجلة التنمية ومتطلباتها، وهي متأخرة سنوات عما أنجزته الدول الخليجية، التي تجني اليوم ثمار التشريعات الحديثة، وتزيد من حركتها الإنتاجية والاقتصادية عموماً.

في كثير من الدول، تستعين الحكومات بالقطاع الخاص في مجال التنمية، فتمنحه الأراضي، وعليه البناء والاستعانة بالعمالة المحلية، ويستثمر في المجال الذي يعمل فيه، فهكذا فعلت السعودية والإمارات، وكذلك الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وغيرها الكثير من الدول التي يكاد ينعدم فيها الفساد، لأنها وضعت التشريعات الحديثة، ولم تعمل لا بالمحاصصة والمحسوبيات.

اليوم على وزراء المالية والتجارة والبلدية وبقية الوزارات الخدمية أن يضعوا الخطط التنفيذية لمعالجة هذه المشكلات المتصلة باختصاصهم، بل على مجلس الوزراء مجتمعاً أن يكون أكثر جدية في حسم هذه الأمور، خصوصاً أن صاحب السمو الأمير وضع في نطقه السامي خريطة الطريق للإصلاح، فالاستمرار على هذا النحو يفقد المواطن الثقة في الحكومة، ويزيد من الأزمات.

  • أحمد الجارالله
آخر الأخبار