الجولات الأميرية مطلع 2024 محطات محورية فارقة ذات دلالات عميقة إقليمياً وعالمياً
العقيدة الكويتية تنطلق من أن الأمن "الخليجي" لا يتجزأ وتوترات المنطقة تستدعي التعاون
الديبلوماسية الوقائية ركيزة أساسية... واستضافة قمة "التعاون" تمتين للروابط الخليجية
مع مطلع العام 2024 واصلت دولة الكويت مسيرتها الناجحة في تعزيز علاقاتها الدولية على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف مستندة إلى التوجيهات الأميرية السامية ورؤية ستراتيجية طموحة ترسيخا لمكانتها على الساحة الدولية وتحقيق إنجازات ملموسة في كل المجالات لاسيما ديبلوماسيا وسياسيا.
ففي 16 ديسمبر 2023 وعلى إثر مناداة سمو الشيخ مشعل الأحمد أميرا للبلاد تبنت الكويت نهجا طموحا لتوثيق تعاونها مع الشركاء الدوليين والمنظمات العالمية إلى جانب تطوير علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة.
الجولات الخليجية
وجسدت زيارات دولة التي قام بها سمو أمير البلاد إلى دول مجلس التعاون الخليجي نهاية يناير 2024 - اللبنة الأساسية في هذا البناء الدبلوماسي خصوصا أنها الأولى لسموه عقب توليه مقاليد الحكم - عمق الاهتمام بتعزيز التكامل الخليجي ودفع عجلة التعاون المشترك نحو آفاق أوسع.
وحملت الجولة الخليجية البارزة التي بدأت بعد نحو 45 يوما من تولي سموه مقاليد الحكم دلالات زمنية واستراتيجية وجيوسياسية عميقة إقليميا ودوليا.
وعكست البيانات الصادرة في ختام الجولة تلك الدلالات بتأكيد البعد الأمني الستراتيجي الخليجي للكويت والتشديد على الروابط التاريخية الراسخة والعلاقات المتينة التي تجمع بين الكويت والدول الخليجية إلى جانب توسيع آفاق التعاون وتطوير الشراكة في جميع المجالات.
محطة مثالية
وفي إطار تعزيز العلاقات الثنائية التاريخية شكلت زيارة سمو أمير البلاد إلى جمهورية مصر العربية أواخر أبريل الماضي محطة مثالية لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات.
وأكد البيان الكويتي-المصري المشترك الصادر عن البلدين في ختام تلك الزيارة عمق العلاقات الثنائية على مختلف المستويات الرسمية والشعبية وما شهدته من تضامن كامل عبر مختلف المحطات المحورية والفارقة.
قيمة مضافة
كما أضفت زيارة دولة التي قام بها سمو أمير البلاد إلى الجمهورية التركية يومي 7 و8 مايو 2024 أبعادا استثنائية وقيمة مضافة في علاقات البلدين الصديقين وتعزيز العلاقات الثنائية التاريخية بينهما.
وعلى هامش المباحثات الثنائية خلال الزيارة التي تزامنت مع ذكرى مرور 60 عاما على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين جرى توقيع ست اتفاقيات ومذكرات تفاهم مهمة توثق عرى العلاقات الثنائية الكويتية - التركية.
وشملت هذه الاتفاقيات مجالات إدارة الكوارث الطبيعية والمناطق الحرة والرعاية السكنية والبنية التحتية إضافة إلى مذكرة تفاهم بشأن إنشاء حوار استراتيجي على مستوى وزيري الخارجية وتوقيع بروتوكول تنفيذي بشأن عقود شراء الصناعات الدفاعية.
وصاحبت الجولات الأميرية المكثفة خلال تلك الفترة توجيهات سامية إلى الحكومة الكويتية بتعزيز أواصر العلاقات الدبلوماسية مع الدول الشقيقة والصديقة والارتقاء بأطر التعاون معها في مختلف المجالات إلى آفاق أرحب وترسيخ الدور الإنساني لدولة الكويت.
وعملا بالتوجيهات السامية نشطت التحركات الكويتية الخارجية خلال الفترة الماضية على أكثر من صعيد، إذ عمدت البلاد إلى توظيف الفعاليات الدولية المشاركة فيها لإنتاج أفضل مستويات التعاون الوثيق مع الشركاء الدوليين في مختلف المجالات.
الحوار الستراتيجي
وشكلت الاجتماعات الوزارية للحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون وكل من روسيا والبرازيل والهند التي عقدت في مقر الأمانة العامة للمجلس بالعاصمة السعودية الرياض في التاسع من سبتمبر الماضي دفعة لبناء علاقات أوثق بين الكويت والدول الثلاث في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والثقافية.
كما استثمرت الكويت ممثلة في وزير الخارجية عبدالله اليحيا أعمال الدورة الـ162 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية الشهر الماضي في مشاورات ولقاءات عدة شملت وزراء خارجية ومسؤولين دوليين.
وبحثت اللقاءات التي أجرتها الكويت على هامش المؤتمر الوزاري مجالات التعاون المختلفة وأطر تعزيز العلاقات الثنائية بين الكويت وعدد من الدول كذلك مناقشة المستجدات الإقليمية والدولية والتطورات التي تشهدها المنطقة.
الكويت والإمارات
وفي سياق الدورة الخامسة لاجتماعات اللجنة العليا المشتركة الكويتية - الإماراتية التي عقدت أعمالها بأبوظبي مطلع سبتمبر الماضي شهدت العلاقات الثنائية مع الإمارات انطلاقة جديدة بعد توقيع جملة من مذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية في عدد من القطاعات التنموية الحيوية.
وشملت مذكرات التفاهم مجالات البنية التحتية والاتصالات وتقنية المعلومات والأمن السيبراني إضافة إلى مجال المشتريات والصناعات الدفاعية.
كما استعرضت الكويت مستقبل العمل الخليجي المشترك ودفعه قدما ضمن مختلف مساراته خلال الزيارة الرسمية الأخيرة التي قام بها النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وزير الداخلية الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح إلى الإمارات.
مذكرات تفاهم
وفي مجالات الشؤون الاجتماعية والعمل الخيري والإنساني وقعت دولة الكويت مذكرتي تفاهم مع قطر إلى جانب مذكرة تفاهم مع المملكة العربية السعودية.
وشكلت مشاركة الكويت في أعمال الأسبوع رفيع المستوى للدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أخيرا محطة مؤثرة في تعزيز مسيرتها الناجحة لبناء علاقات دولية أكثر قوة ومتانة.
قمة المستقبل
وفي هذا الإطار أجرى ممثل سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد 44 لقاء واجتماعا مع رؤساء دول ورؤساء حكومات ومسؤولين كبار خلال (قمة المستقبل) بنيويورك بحث سموه خلالها سبل دعم وتعزيز العلاقات الثنائية والشركات القوية إضافة إلى مناقشة أبرز المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.
وعكست المباحثات التي أجراها ممثل سمو أمير البلاد في نيويورك الأهمية الكبيرة التي توليها دولة الكويت للشؤون السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والاستثمارية والمالية والرياضية إلى جانب حرصها على العمل المشترك لحل جميع التحديات المرتبطة بالتنمية والتغير المناخي.
القمة الخليجية - الأوروبية
في موازاة ذلك، تستعد الكويت للمشاركة في أعمال القمة الأولى بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي المقررة في شهر أكتوبر الجاري بالعاصمة البلجيكية بروكسل باعتبارها محطة تاريخية في العلاقات الخليجية - الأوروبية.
وتستهدف البلاد في المرحلة المقبلة دفع العلاقات مع الجانب الأوروبي إلى مزيد من التطور في المجالات الستراتيجية وتعظيم نتاج التعاون المشترك في مختلف الجوانب.
قمة "الخليجي"
وتستعد الكويت لمواصلة مسيرة تمتين الروابط الخليجية عبر استضافتها المرتقبة لقمة مجلس التعاون الخليجي المقررة في ديسمبر المقبل في وقت تشهد مسيرة العمل الخليجي المشترك إسهامات الكويت الفاعلة في الارتقاء بالمجلس إلى مصاف الاتحادات الإقليمية الأكثر نجاحا وفعالية.
الأمن المشترك
وتؤمن الكويت بضرورة تكثيف الجهود لتحقيق المزيد من الإنجازات التي تمكن دول المجلس من مواجهة التحديات الإقليمية والدولية المتغيرة وتلبي آمال أبناء دول المجلس وتعظم المنافع الاستراتيجية والاقتصادية المشتركة للدول الأعضاء.
كما يرسخ في العقيدة الكويتية مفهوم الأمن المشترك لدول المجلس وأنه كل لا يتجزأ وأن تجنيب الشعوب الخليجية التوترات والقلاقل المشهودة في المنطقة يستدعي مد جسور التعاون المستمر مع الدول الشقيقة والصديقة والاتحادات الدولية المؤثرة للاستفادة من إمكاناتها وخبراتها الهائلة في تعزيز القدرات التنموية وما يحفظ الأوطان والشعوب.
مبادرات ديبلوماسية
وأسهمت مبادرات الكويت الديبلوماسية في وضع البلاد بمكانة رفيعة في مجال العلاقات الدولية حيث تتعامل بشكل دقيق واستراتيجي مع الملفات الإقليمية والدولية وتتدخل كوسيط نزيه في النزاعات وتقيم تحالفات استراتيجية فعالة وتدعم مبادرات التنمية الدولية.
وتعمل البلاد على تعظيم أثر العمل الديبلوماسي الكويتي بشكل مستمر مرتكزة على مفهوم الديبلوماسية الوقائية الذي يشكل ركيزة أساسية في السياسة الخارجية الكويتية.
وعبر احتضانها أكثر من 100 بعثة ديبلوماسية ومنظمة دولية إقليمية تابعة لمنظومة الأمم المتحدة عملت الكويت بشكل لافت خلال الفترة الماضية على تعزيز التواصل النشط مع تلك البعثات لمنح العلاقات الكويتية -الدولية بعدا أعمق وأكثر تأثيراً.