القيادة الساهرة على استقرار شعبها وتطوير الدولة، تحتاج إلى أمناء كي يساعدوها على هذه الأمانة الموكلة إليها، وهي تختارهم بعناية كي لا يخيبوا الآمال، ولا يكون أي حاجز بينهم وبين الناس.
من هذا المنطلق، يأتي تصريح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع، ووزير الداخلية، الشيخ فهد اليوسف، ترجمة أمينة لسعي القيادة التي توفر السبل كافة كي لا يفوتها أي أمر، إذ قال في تصريح صحافي: "أنا اليوم وزير داخلية، ومن واجباتي زيارة كل مناطق البلاد، وأطلع على حاجات المواطنين، فسيدي صاحب السمو أمرني بذلك، وقال لي: يا فهد لازم تدور كل مكان في الكويت، وتشوف أهلها ما هي احتياجاتهم، أو أي مظلومية لهم كي تبلغني".
أضاف: "قال لي سيدي صاحب السمو، لا يكتبون في التلفون ولا يكتبون بـ"تويتر"، حتى لا يضطر المواطن إلى الشكوى أمام الناس، خليه يعطيك إياه، وجيبها لي، وأنا أنظر بالأمر".
هذا ما طالب به شعبك يا أميرنا، فمع أوامرك إلى النائب الأول، نكون أمام ديوان مظالم متنقل، ومباشر يصل إلى سموك، دام عزك.
على هذا الأمر يمكن البناء، فحين يأمر صاحب السمو الأمير الوزراء بمتابعة شؤون وهموم الناس، يعني أولاً، أن سياسة الأبواب المفتوحة بدأت تثمر.
ثانياً، لا شك أن تصريح النائب الأول أكد، مرة أخرى، أن هناك حاكماً يتابع مشكلات الناس، ويعمل على حلها بعيداً عن الإعلام، ومعنى هذا أن الحاكم يعرف أن العظيم من المشكلات يأتي من أصغرها.
ثالثاً، لقد قطع هذا الأمر الأميري كل قول بأن مجلس الأمة كان صوت الشعب، إلا أن ما شهدته العقود الثلاثة الماضية من ممارسات أوصلت البلاد إلى "الحضيض"، أثبت العكس، إذ لم يكن النواب صوت الناس، بل كانوا صوت مصالحهم، ولهذا عمّ الفساد واستشرى النفوذ إلى حدّ محاولاتهم تخريب القضاء، الذي هو عصب الإصلاح والاستقرار في أي دولة.
رابعاً، الدواوين كانت منذ وجدت الكويت نافذة للتشاور بين أهل البلاد والحكام، وهذا التقليد الموروث كان بمنزلة الميزان الذي يقاس عبره المزاج الشعبي، وعلى أساسه تبنى القناعات، لهذا حين يأمر صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، أن ينقل هموم الناس إلى القيادة، من دون فضح المحتاج نفسه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فذلك كي يحافظ على كرامة المواطن، وعفة النفس التي جبل عليها أهل الكويت.
دائماً كان صاحب السمو يطلب ممن يلتقيهم أن ينقلوا إلى سموه ما يعانيه الناس، حتى لا تُستخدم مظلوميتهم وسيلة للابتزاز السياسي، فإن قناعة سموه أن الفرد يعبر عن شريحة، وهمومه لا تقف عنده، وحلها يكون قاعدة يُبنى عليها في إنهاء مشكلات مجموعة من الناس.
هذا رئيس الدولة يأمر أعضاء القيادة والوزراء كي يفتحوا أبوابهم، ويستمعوا إلى الناس، ويعملوا على حل مشكلاتهم، في الوقت نفسه يوجه مجلس الوزراء بالإسراع في حسم الأزمات المزمنة التي تركتها خمسة عقود من التراخي، ولا شك أن هذا المجلس مطالب بحسم ذلك في أسرع وقت لكن من دون تسرع.
لهذا، نبتهل إلى الله أن يمنح صاحب السمو الصحة والعافية والقدرة على حمل هذه الأمانة الكبيرة، فالحمل ثقيل جداً.. أعانه المولى عز وجل على ذلك.
[email protected]