حوارات
ينسب المثل عنوان المقالة إلى الأحنف بن قيس (العصر الأموي) والذي قيل عنه لحلمه ولدهائه، ولحكمته، ولمكانته بين قومه "هذا الذي إذا غضب غضب له مئة ألف لا يدرون فيما غضب"، وهو مثل حكيم يعكس بدقّة سلوكاً سلبياً يمارسه بعض الأفراد، وهو كشف أمورهم وأسرارهم للناس.
ومن بعض الأسباب المنطقيّة لضرورة إخفاء الأسرار، ونتائجه الإيجابية على الحياة الشخصية، نذكر ما يلي:
-الأسباب: يحمي الفرد خصوصيّاته من التدخّلات الحشرية للآخرين، ما دام يستمر يكتم أسراره، ويتحفّظ عن كشف أموره الخاصّة، لكن يفتقد بعض الأشخاص الثقة بأنفسهم، فيظنّون أنّ كشفهم لبعض أسرارهم سيجعلهم يُقبلون من الآخرين، ويرضى عنهم، أو على الأقل يرحِّب بهم كل من يلتقي بهم. وربما يعتقد خطأ بعض من يعرف الناس بواطنهم وخوارجهم، وكل ما هم عليه، إنّ أمورهم الشخصية هي مواضيع يمكن استعمالها، كمواد حديث مع الآخر الغريب، وبسبب التعرّض لتربية أسريّة سيّئة افتقد فيها الطفل آذاناً صاغية للتحديّات، وللمشكلات التي تعرّض لها في العالم الخارجيّ، فيسعى بعض البالغين إلى تعويض هذا النقص في مرحلة الطفولة، بمشاركة أسرارهم لعله يتمّ أخيراً الإنصات إليهم!
-إخفاء الأسرار والحياة المجزية: لا يمكن منطقياً أن يعيش الإنسان في عالم اليوم حياة مجزية يشعر بها بالرضى النفسي الحقيقيّ، بينما أسراره الشخصية يعرفها كل من يحتك بهم في العالم الخارجيّ، فإن هذا الأمر سيؤدي إلى تقليل قيمته عند الناس، فأحد عوامل الجذب في العلاقات الإنسانية الاعتيادية يتمثّل في حفاظ كلا الطرفين على نوع من غموض الشخصية.
ولا يمكن أن تتكون علاقات فردية أو اجتماعية يرضي بها الطرفان ما دام أحد الأفراد لا يخفي أسراره، وربما لن يخفي أسرار من له علاقة معه، ويجدر بالعاقل في عالم اليوم الذي أصبح يسهل فيه الحصول على المعلومات الشخصية الأساسية لكل من هم داخل الشبكة الالكترونية العالمية، أن يكون كتوماً وممتنعاً تلقائياً عن إفشاء ما لا ينبغي إفشاؤه، و أَشْأَمُ كلِّ امْرِىءٍ بَيْنَ فَكَّيْهِ، (مثل عربي).
كاتب كويتي
DrAljenfawi@