في تصريح لوزيرة "الشؤون الاجتماعية" الدكتورة أمثال الحويلة، تحدثت عن "أهمية دعم المنتجات الوطنية بما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي، ورفع مستوى الإنتاج المحلي"، وفق قولها، ولهذا نقول: "أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً".
إذ يبدو أن الوزيرة العزيزة لم تطلع على الخطط القديمة، في هذا الشأن، والمطالبات الكثيرة، ومنذ نحو 50 عاماً، بضرورة العمل على تحقيق الأمن الغذائي في البلاد، وعدم الاستناد إلى الخارج في قضية مهمة جداً تتصل بالاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، لكن للأسف أن هذا الكلام لم يصل إلى آذان المسؤولين، بل كان هناك إمعان بتجاهل هذه المسألة المهمة.
ففي هذا الشأن، وإذا كانت هناك جدية في دعم المنتج الوطني عموماً، والغذائي خصوصاً، لا بد من معرفة من يسيطر على "شبرة الخضار"، أليست "المافيا" التي تحدد المنتجات الواردة من الخارج، وتحارب المزارعين الكويتيين، وهي لها مفاتيحها في كل مؤسسات الدولة، وكذلك في الوزارات؟
هذا الأمر يزيد من المصاعب التي يواجهها العاملون في هذا المجال، لأن "المافيا" تعمل على منع المسّ بأيٍّ من امتيازاتها، وتحارب كل من يقترب منها.
هذا أنتج ممارسات غير عقلانية من مسؤولين في الهيئات المتخصصة التي تعرقل أي تطور أو توسع في الزراعة، وتمنع أيضاً تأمين الحد الأدنى من الاستقرار في ما يتعلق بالصناعات الغذائية، بل محاربتها، حتى في تأمين العلف للمواشي، التي هي أساس في غذائها، وهي عنصر أساسي في المنظومة الغذائية المحلية.
في الكويت مساحات شاسعة غير مستغلة، وهناك كل يوم قرار يزيد من مصاعب المزارعين والمؤسسات التابعة لهذا القطاع، حتى المياه تخضع لعراقيل كثيرة، فيما هذه المشكلة نظرياً محلولة منذ زمن، وليست هناك عقبة في الأموال من أجل بناء محطات تحلية، كما أن هناك اليوم تقنية جديدة، وهي الزراعة المائية، ولقد عملت الدول المجاورة على الاستعانة بها، لكن عندنا دائماً هناك من يضع العصي في العجلات، ويفرض الرسوم المتتالية على المزارعين.
بل حتى مساكن العمالة، يُمنع على المزارع تشييدها في حرم مزرعته، ما يزيد من التكاليف عليه، إضافة إلى كل هذا، هناك طوفان من المنتجات المستوردة، وهذا لم يعالج منذ زمن طويل بسبب غياب الرؤية لحماية الصناعات الوطنية، وليس الإنتاج الغذائي فقط.
في هذا الشأن، علينا أن ننظر إلى دول الجوار، فالإمارات منذ فترة وجيزة أعلنت أن كل إماراتها مناطق زراعية، علماً أنها منذ نحو 45 عاماً بدأت بتنويع المزروعات، حتى أنها عقدت في الثمانينيات من القرن الماضي مؤتمراً للزراعة في المياه المالحة، وفي مرحلة من المراحل كانت توزع الفائض على الدول الفقيرة.
أما السعودية، فأصبحت منذ زمن مُصدِّرة للغذاء، وكذلك سلطنة عُمان، أما قطر فقد اشترت مساحات من الأراضي في بعض الدول من أجل تأمين استقرار أمنها الغذائي.
هذه الخطط ليست جديدة، وقد عملت عليها الدول بجد وهمّة، فيما في الكويت، كانت النظرة معاكسة لكل هذا، إذ لم تستغل أي من الإمكانات المتوافرة لديها، بل دائماً هناك حجة عند المسؤولين كي يمنعوا تطوير أهم قطاع في الدولة بعد النفط، الذي يستنزف الكثير من الأموال، ويجعلنا دائما في أزمة، ولقد رأينا كيف عانينا خلال جائحة "كورونا" وأعتقد أننا لم نستفد من الدرس.
نتمنى فعلاً أن تكون تصريحات الوزيرة الحويلة صادقة لجهة التنفيذ، والبدء بالخروج من هذه الأزمة المزمنة، وكذلك أن يعمل مجلس الوزراء على إيلاء هذه القضية الأهمية الكبرى، لأنه من دون الأمن الغذائي، ليس هناك استقرار.