حوارات
الاستكبار هو استجلاب الإنسان للكِبر، أي تعمّده في طلبه والسعي إليه، وهو مختلف نوعاً ما عن الكِبَر الذي هو حالة إعجاب شديد بالنفس بسبب الثراء، أو بعد تَبَوُّؤ المنصب.
بالطبع، توجد أسباب محدّدة تدفع إلى الاستكبار، وتوجد عواقب متوقّعة لهذا السلوك الهدّام، ونذكر منها ما يلي:
-الأسباب: كلما استحكم في نفس الإنسان الشعور بالنّقص، سعى إلى التكبّر على الناس بهدف تعويض ما يشعر به من فقدان لتقدير واحترام الذّات، ربما بسبب ما تعرّض له في مرحلة طفولته التعيسة.
ومن يخالط المتكبِّرين سيبدأ باستجلاب الكَبَر لنفسه ظناً منه أنّ ذلك سيجعله مساوياً لأقرانه، ومن وَرِث حقد والديه، أو أحدهما على من هم أرفع منهم مقاماً أو أخلاقاً، سيكون حتماً شخصاً مستكبراً متى ما أتيحت له الفرصة، ويتوثّب لئيم الطّبع على أسياده متى أمكن.
وبسبب التعرّض لتربية أسريّة سيّئة تعوّد فيها الطفل على الكذب والسرقة، والتحايل، والغش، والتزوير، والكذب، وزيف العواطف، وبسبب ما يراه وما يسمعه في محيطه العائلي الفاسد.
قالت العرب قديماً لا ترعى الغنم لمن كان راعياً في السابق، ومن تعوّد على الذلّ استكبر، بعد غنائه المفاجىء، على الأحرار من أهل الشرف والمروءة، وكلما سفُل خلق الشخص اِنْحَطّ أخلاقياً، وأول ما سيسقط فيه هو مستنقع الاستكبار.
ويستكبر البعض للانتقام من الآخرين ولو على مستوى الوهم، وكلما اِشْتَدَّ حمق الإنسان استكبر، وكل من ثُلِمَتْ لديه المروءة (الدُّنافِس)، استكبر على الأتقياء والأسوياء أخلاقياً، ومن يحلّل الحرام، مع علمه أنه شيء مذموم، يستكبر لإخفاء ما يشعر به من احتراق نفسيّ داخلي، ومن كان كاذباً في صلاته هو من أشدّ المستكبرين على عبادة ربّه، والعياذ بالله.
-عواقب الاِسْتِكْبَار: كل عواقب الاستكبار مذمومة حرفياً ومجازياً، فتنفر الناس من المُستكبر، وتنتشر عيوبه بينهم، ولا يثق به العقلاء، ويتجنّبه عامة الناس، وتسوء علاقته مع أهله، ويبقى وحيداً منبوذاً، ولو كان محاطاً 24 ساعة في اليوم بعشرات الأشخاص.
وينتهي به الأمر كشخص ينبذه المجتمع، ويرفضه أقرب المقرّبين إليه، ونَسْياً مَنْسِيّاً.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@