إن تطوير التشريع من أهم الركائز لتقدم أي دولة، ويجب أن يكون مواكباً للتحديات العلمية والتكنولوجية المستقبلية، وأن يساهم في تيسير إجراءات التقاضي على المتقاضين، وصولاً للعدالة الناجزة.
بتاريخ 30 سبتمبر 2024 صدر المرسوم رقم 104 لسنة 2024 بتعديل المادة 201 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، وأضافت مادة جديدة برقم "22 مكرر". والسؤال: ما فائدة ذلك التعديل والغرض منه، وما فحواه، وهل ذلك له تأثير على تحقيق العدالة الناجزة، وهل هو خطوة في تسهيل إجراءات التقاضي، وأخيراً ما هي الإشكالية التي كانت موجودة في إجراءات التقاضي، وجاء ذلك التعديل ليصححها أو يلغيها؟
الطعن على الأحكام الجزائية في الكويت لها طريقان، الأولى: العادية، ويطلق عليها طرق الطعن العامة، وهي جائزة وفق الأصل لكل خصم في الدعوى، أياً كان نوعها، ولأي سبب من الأسباب، الموضوعية أو القانونية، وهي توقف وفق الأصل تنفيذ الحكم المطعون فيه، إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك، وتلك الطرق هي المعارضة والإستئناف.
الطريق الثانية: طرق الطعن غير العادية، وهو استثنائية، لا يمثل درجة من درجات التقاضي، لذا فهو طعن يحاكم الحكم النهائي من الناحية القانونية، من حيث تطبيق القانون، أو تأويله، ومن حيث صحة الإجراءات المتبعة في التدليل عليه، وفي إصداره.
تلك الطرق هي الطعن بالتمييز، وإلتماس إعادة النظر، ولا يجوز الإلتجاء إليهما إلا بعد استنفاد طرق الطعن العادية.
ولما كان الإستئناف هو إحدى طرق الطعن العادية في الأحكام، والذي من شأنه طرح الدعوى مرة ثانية أمام محكمة أعلى من محكمة الدرجة الأولى، التي أصدرت الحكم الإبتدائي، فقد تناول المشرع موضوع الإستئناف في المادتين 5 و 8 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية والمواد من 199 حتى 213 من القانون ذاته، وكان ميعاد الطعن بالإستئناف خلال عشرين يوماً من تاريخ النطق بالحكم الحضوري، أو الحكم الصادر في المعارضة، ومن تاريخ صيرورته غير قابل للمعارضة إذا كان غيابياً (مادة 201 إجراءات جزائية).
وقد صدر المرسوم رقم 104 لسنة 2024، بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1960، والذي جعل موعد الإستئناف 30 يوماً إذ نص المرسوم على الآتي: مادة أولى "ميعاد الإستئناف 30 يوماً من تاريخ النطق بالحكم إذا كان حضورياً أو صادراً في المعارضة ومن تاريخ صيرورته غير قابل للمعارضة إذا كان غيابياً. مادة ثانية: تضاف مادة جديدة برقم 22 مكرراً إلى القانون المشار إليه نصها الآتي "دون الإخلال بإجراءات الإعلان المقررة في الفصل الثاني من هذا القانون (الأمر بالحضور) يجوز للمحكمة، أو المحقق بحسب الأحوال إعلان الأمر بالحضور بالبريد الإلكتروني أو بأية وسيلة اتصال حديثة قابلة للحفظ والإستخراج، وميعاد استئناف الأحكام المدنية والتجارية واتخاذ إجراءات الطعن عليه في المادة 141 من المرسوم بقانون رقم 38 لسنة 1980، بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية هو 30 يوماً، ويحسب لهذا المرسوم بقانون أنه رفع المشقة عن الخصوم إذ إنه، ونظراً لما كشف عنه الواقع في المحاكم من حدوث تأخير في تسليم صورة الأحكام للخصوم بعد إصدارها نظراً لقيام إدارة الكتاب بطباعتها ثم مراجعتها، وتصحيحها، وتوقيعها عقب ذلك من رئيس الدائرة التي أصدرتها، وما يستتبعه ذلك من انقضاء أيام عدة من الميعاد المقرر للطعن بالإستئناف قبل استلام الأحكام، وهذا الاتجاه يتماشى مع ما ذهب إليه المشرع في تعديل ميعاد الطعن بالتمييز الوارد بالقانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز في المواد الجزائية وجعله 60 يوماً بدلاً من 30 يوماً، وذلك بالقانون رقم 17 لسنة 2017، كما تضمن التعديل إضافة مادة جديدة برقم 22 مكرراً، أن أجازت الإعلان بالطرق الحديثة مثل البريد الإلكتروني، أو أي وسيلة اتصال حديثة، وهو ما يحقق العدالة بأقل وقت وجهد وتكلفة.
محام، كاتب كويتي