الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
22°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
قرارات أميرنا مرادها الخدمة العامة وليس القبيلة والطائفة والعائلة
play icon
الافتتاحية

قرارات أميرنا مرادها الخدمة العامة وليس القبيلة والطائفة والعائلة

Time
الاثنين 14 أكتوبر 2024
View
170
أحمد الجارالله

لا شك أن القرارات الجريئة والشجاعة، والنهضوية أيضاً، التي أصدرها صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، قد أوقفت اللغو السياسي في البلاد، سواء أكان نابعاً من مصالح ضيقة أو أجندات سياسية، أو طائفية، أو من الدولة العميقة التي تسعى منذ عقود إلى الإمساك بمفاصل الدولة ككل.

إن الوضع قبل تلك الخطوات العظيمة، كان يوحي أن المؤسسات محكومة بجملة محددات غير سليمة، كالتعيينات الخاضعة لقاعدة فاسدة وهي "هذا ولدنا"، و"ذلك ثقة"، أو "من الربع"، وغيرها، ما جعل الكويت، كدولة، تبدو كأنها تدار على "البركة"، ومؤسساتها صانعة فساد.

هذا الأمر كان محل انتقاد الكثير من المواطنين، ولم تترك الصحف، ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، مناسبة إلا وسلطت الضوء عليه، إلى حدّ إعلان أسماء الفاسدين، لكن كل ذلك كان يقابل إما بالنفي ممن له مصلحة في الإفساد، أو بالمثل الشعبي "الحكران يقطع المصران"، ولهذا كان المسؤولون ينزلون بالمظلات على المناصب دون حسيب أو رقيب.

هذا الأمر كان في ذهن القيادة السياسية الحالية التي رأت أن الإصلاح يبدأ من اختيار صاحب الكفاءة، القادر على العمل، غير المنتمي إلى أحزاب، أو تيارات سياسية، لهذا صدرت توجيهات القيادة إلى مجلس الوزراء بوضع ضوابط لترشيح المسؤولين، وهي خطوة متقدمة في عملية وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، الذي يخدم المصلحة العامة، وليس "الربع" أو الطائفة أو القبيلة، أو العائلة.

بعد اليوم، لن يعين أي مسؤول إلا بعد الاطلاع على صحيفته الجنائية، وتقرير من المباحث الجنائية، وآخر من جهاز أمن الدولة، وهذا الأمر لا شك ينهي نحو 50 سنة من التمصلح، والإفساد، والنهب، وغيرها العديد من الممارسات التي أضعفت الكويت، حتى في علاقاتها مع المحيط والعالم، واستثماراتها الخارجية، بسبب غياب الكفاءة، وهو ما يسمونها في علم الإدارة "التصميم على الفساد عبر تعيين من ليست لديهم القدرة على إدارة المؤسسة"، لأن الفاسد يعمّم فيروسه في إدارته، وأن الموظفين على دين مسؤوليهم.

في الكويت، ولزمن طويل، سادت عادة غير محمودة، وهي المشتبه فيه، أو المختلس، أو النهاب، يطلب منه الاستقالة من وظيفته، أي يكافأ على خيانته الأمانة بدلاً من السجن، ولهذا حين بدأت المحاسبة، رأينا الكثير من الأحكام التي يشيب لها شعر الولدان، بسبب الأساليب المبتكرة في السرقة والنهب، وتطويع ثغرات قانونية من أجل تمرير قرارات تخدم الفاسد.

هذا الأمر نفسه ينطبق على المشاريع الصغرى والكبرى، ولهذا رأينا التأخر في التنفيذ، وهدر الوقت والمال، فيما في الدول الأخرى، فإن المرتكب أو الفاسد يعلن عنه، ويسمّى، وتُبيَّن الجرائم والمخالفات التي ارتكبها، ويُغرّم أضعاف ما سرقه أو اختلسه، ويُمنع من شغل الوظيفة، أو أي منصب مرة أخرى.

ففي الدول التي تحترم شعوبها وقوانينها، هناك منظومة متكاملة لا يمكن لأي موظف إلا أن يمر بها، ليست فيها محاباة، ومصالح ذاتية.

اليوم، ومع هذه الخطوة التي تشكر عليها القيادة السياسية، هناك الكثير من العمل المطلوب من مجلس الوزراء كي يستكمل طريقه نحو الإصلاح، وأهمها التحلي بالشفافية، لأن الغموض يفسح المجال للمتصيدين في الماء العكر كي يشوشوا على حركة الإصلاح.

إذ علينا الاعتراف أن هناك كثيراً من المتضررين الذين يسعون إلى وضع العصي في العجلات، ويستغلون وسائل التواصل الاجتماعي، والدواوين، وغيرها لإثارة الناس، وهذا ما يجب أن يعمل عليه مجلس الوزراء.

  • أحمد الجارالله
آخر الأخبار