الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
22°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
ثبِّتوا أحكام 'التمييز' والغوا منع سفر المواطن
play icon
الافتتاحية

ثبِّتوا أحكام "التمييز" والغوا منع سفر المواطن

Time
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
View
4270
أحمد الجارالله

‏من الثوابت في القانون الكويتي أن "التمييز" محكمة قانون، وليست محكمة موضوع، وتركيزها يكون مصبوباً على ضمان الأحكام من محاكم الدرجة الأولى أو الثانية طبقاً للقوانين وألا يتضمن الحكم أي خلل، ولهذا تعد أحكامها، والحيثيات المستندة إليها قواعد قضائية، وسوابق يبنى عليها.

لذا، فإن نظر أعلى درجة قضائية في منع سفر المواطن المدين، وحكمها أنه غير شرعي أو دستوري أو غير إنساني، يقوم على قاعدة ثابتة في كل العالم، وهي أن أعلى درجة قضائية تُظهر العوار القانوني، وتعمل على إصلاحه، لهذا فإن حكمها بات، لا جدال فيه.

أيضاً على الدرجات الأدنى التزام القرار، أي لا تحكم بمنع سفر المواطن، مهما كان مبلغ الدين، وإذا هو ميسور أو لا، لأن الأصل أنه لا مكان له إلا وطنه، وله الحق في أن يعود متى شاء، ويسافر متى رأى، لا يمنع من ذلك إلا في حال ارتكب جناية، كالقتل أو التزوير، أو النصب والاحتيال، أو الاعتداء على الأمن القومي والداخلي للبلاد، والخيانة العظمى.

على هذا الأساس، فإن ما بنته "التمييز" هو أساس قانوني، وجب على الدوائر القضائية إعادة النظر في منطوق أحكامها، كي لا تتناقض مع القاعدة التي أرستها محكمة القانون.

لهذا، فإن الحكم الصادر بعدم منع المواطن من السفر، لا بد أن يكون في ذهن كل المهتمين بالشأن العام. ومن هذا المنطلق، من واجب مجلس القضاء الأعلى، بصفته سلطة الحاكم القضائي، أن يعدل القانون، ويصلح الخلل القائم فيه، أو أن يحيل إلى مجلس الوزراء التعديلات التي يراها مناسبة في هذا الشأن لمنع التضارب في الأحكام.

نعود إلى حقيقة منع السفر الذي كثر استخدامه في العقود الأخيرة للحد من حركة المواطن، فهل يعقل منع أحدهم من السفر لقاء مئة دينار، كما حصل مرات عدة ونشرت الصحف ذلك، حتى إذا كان الدين 20 ألفاً، أو مئة، أو حتى مليوناً، لا يمكن منعه من السفر، إذ يمكن أن تكون له مصالح في الخارج، يستطيع منها الحصول على المبلغ كي يسدد دينه.

في كل دول العالم يعد هذا الأمر حداً من حرية الحركة، وحبساً غير علني، وأما الكويت فإن الاستمرار في العمل بهذا الخلل القانوني، وبعد أن حكمت "التمييز" بعدم شرعيته، هو استمرار لقوة الدولة العميقة، والمرابين، وكذلك المتمصلحين الذين عملوا طوال سنوات على تكبيل المواطن بقروض وشيكات وغيرها، كي يستحوذوا على إرادته، ومصادر عيشه.

إذ حين يسجن مواطن أو يمنع من السفر فذلك يؤدي إلى قطع رزقه بشكل أو بآخر، فهل إذا كان في السجن، أو محاصراً في بلده سيطبع العملة كي يسدد؟!

لهذا، هناك دول كثيرة في العالم منعت الإكراه البدني، وكذلك الحدّ من حرية حركة البشر الذين عليهم تأمين لقمة عيشهم، والعمل على تسديد ما عليهم، أي منحهم القوة للتغلب على العوائق التي يضعها أمامهم الدائن الذي يعمل بقاعدة "صاحب الحاجة أرعن"، لا يبالي بأوضاع الناس.

لا شك أن حكم محكمة التمييز يكتب بماء الذهب، ويرسي قاعدة قانونية باتت واجبة، لا أحد يمكنه إلغاءها مهما كانت الظروف، ولهذا على المؤسسات المعنية، خصوصاً مجلس الوزراء الحالي، الذي باتت لديه سلطة تشريعية وتنفيذية، في آن واحد، الأخذ بهذه القاعدة وتعديل القانون، لأن الأساس الرحمة والإنصاف وإحقاق العدل، وليس تحول مؤسسات الدولة، الأمنية والقضائية جابياً يعمل عند أصحاب المال والمرابين.

  • أحمد الجارالله
آخر الأخبار