قالت الزوجة لزوجها: العرقُ دسَّاس وكما تدين تُدان

لن أنجب ولداً أَهُون عليه كما هانت عليك أمك

سليمان لم يذهب إلى عرس سيتحول مأتماً

بقضايا الأوطان لا تترك عمل اليوم إلى الغد

انظر إلى أولادي كيف يعاملونني ويبرون بي

إطعام امرأة جائعة أنقذ العريس من الموت

الظلم ليس فقط بالأفعال بل أيضاً بالأقوال

أولى الإشارات الدالة على المرء علاقاته مع أهله ومجتمعه، فإذا كانت لديه القدرة على رعاية أهله، ومعاملتهم بالحسنى، فإن ذلك سيدل عليه من خلال سلوكه مع الآخرين، وعلى هذا، ثمة قصة معبرة جداً لأنها نابعة من أساس متين يقوم على الآية الكريمة: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا".

ويكمن القول، إن الأسطر التالية تشرح بطريقة الحكاية هذه الآية الكريمة، فالقصة تبدأ من رجل تزوج، وفي أول يوم من زواجه، اجتمع حول مائدة الطعام هو وأمه، وزوجته، وقدم سهم الطعام الكبير إلى زوجته، وبان اهتمامه بها، كونها عروساً في أول يوم لها بالبيت، في المقابل، قدم إلى أمه كمية بسيطة من الطعام، ودفع الصحن إليها بلا اهتمام.

لاحظت الزوجة ذلك، وكانت حكيمة، أصيلة، فقالت له: "طلقني الآن".

حاول كثيراً معها كي تتراجع عن قرارها، إلا أنها أصرت على ذلك، فأراد معرفة السبب، فقالت بنبرة حازمة: "إن العرق دساس، وكما تدين تدان، ولا أريد أن أنجب منك ولداً أهون عليه كما هانت والدتك عليك"،

فوقع الطلاق، وبعد انتهاء العدة، ومرور بعض الوقت، رزقها الله بزوج بار بأمه، ومرت السنين، وأنجبت منه الأولاد، وبعد سنوات عدة، أرادت الذهاب إلى الحج، فحضّر لها أولادها الهودج على ناقة فتية، وكانوا يحيطونها أثناء رحلتها من كل صوب.

وفي الطريق، شهدت قافلة وكان يتبعها من بعيد رجل كبير في السن حافي القدمين، ولا أحد يعتني به، فقالت لأولادها: "اذهبوا وأحضروا هذا الرجل كي يرافقنا، ربما يحتاج إلى المساعدة".

لما اقترب منها، وجدته زوجها السابق، فسألته: "هل عرفتني"؟ قال: "لا"، قالت: "أنا زوجتك السابقة، تطلقت منك يوم زواجنا".

أضافت: "ألم أقل لك إن العرق دساس، انظر إلى أولادي كيف يعاملونني، ويبرون بي، وانظر إلى حالك، فأين هم أولادك"؟

ثم نظرت إلى أولادها وقالت: "اعتنوا به قربة لله عز وجل".

النبي سليمان وملك الموت والعريس

القصة الأخرى تدل على مدى نفع الصدقة، إذا كانت نابعة من القلب، إذ من الحكايات المتوارثة، أن النبي سليمان (عليه السلام) كان يستعد لحضور حفل زفاف ابن أحد الأعيان، فجاءه ملك الموت وسأله عن وجهته، فأخبره، فقال له: "لا تذهب إلى الحفل، فإنني مكلف قبض روح العريس هذه الليلة".

وجد النبي الكريم حرجاً في الذهاب إلى عرس سيتحول مأتماً، فلم يذهب، لكن في اليوم التالي قابله والد العريس معاتباً له عن عدم حضوره، فلم يحَر النبي جواباً، لكنه عاتب ملك الموت، فرد عليه: "كنت ذاهباً فعلاً إلى قبض روح العريس، لكنني أُمرت بالتراجع، والسبب أن عجوزاً فقيرة كانت تجلس في مكان قريب من العرس، رآها الأب فذهب كي يسألها عن حاجتها، فأخبرته أنها جائعة، فما كان منه إﻻ أن أحضر لها من الطعام المخصص لك، أي أنه لم يطعمها من طعام المحتاجين، بل من طعام الملوك".

فدعت العجوز للعريس بطول العمر، فاستجاب الله دعاءها في الحال.

في هذا، يقول الشيخ المغامسي: "إذا مررت بعصفور يشرب من بركة ماء فلا تمر إلى جانبه كي لا تخيفه، وابتغ بذلك وجه الله، عسى أن يؤمنك من الخوف يوم تبلغ القلوب الحناجر.

وإذا اعترضتك قطة في وسط الطريق، فتجنب أن تصدمها، وابتغ بذلك وجه الله عسى أن يقيك الله ميتة السوء، وإذا هممت بإلقاء بقايا الطعام، فاجعل نيتك أن تأكل منها الدواب، وابتغ بذلك وجه الله عسى أن يرزقك الله من حيث لا تحتسب.

وتذكر: افعل الخير مهما استصغرته، فلا تدري أي حسنة تدخلك الجنة.

نكشات

في قضايا الأوطان يجب ألا نترك عمل اليوم إلى الغد، فهنا يكون التراجع والملل، وغضب الناس.

أبعدوا المتمصلحين عن استشارات قضايا الوطن، فإنهم سيرون ما ينفعهم وينفع أسرهم، وطوائفهم، وقبائلهم.

اجعل من يراك يدعو إلى من رباك، فنقاء القلب ليس عيباً، إنما نظرة يمر بها من أحب.

الظلم لا يكون فقط في الأفعال، بل هو أيضاً في الأقوال، فكم من كلمة في مجلس لهو وتسلية شرّدت أطفالاً، وقتلت أسراً وأجاعت بشراً.

لا شيء في هذا الوجود يعيش لنفسه، النهر لا يشرب ماءه، والبحر لا يأكل سمكه، والمطر يسقي ولا يشرب، وكل شيء لما قُدر له.

القائد تسعده الاستعانة بالأقوياء، ومن يعرفون تنفيذ أوامره، ويعرفون متى ينفذونها.