الجمعة 18 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 د.نايف العدواني
كل الآراء

السجون للردع وليست للترفيه

Time
الخميس 17 أكتوبر 2024
View
50
د.نايف العدواني

نصت المادة 32 من الدستور أن "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون"، وتطبيق القانون على الجريمة متى ما انطبقت شروطها، وتحققت أركانها يترتب على ذلك عقوبة.

العقوبة قد تكون أصلية، مثل أن تقع على النفس، كالحكم بالإعدام، أو الحبس، وهو تقييد الحرية.

أو قد تكون غرامة مالية، وقد تكون العقوبة تبعية، مثل مصادرة أدوات الجريمة كالأسلحة، والمخدرات، أو المركبات كالسيارات والقوارب، وغيرها التي ارتكبت فيها الجريمة.

العقوبة هي بحد ذاتها نوع من القوة، والردع، لكي يتعظ من فعلها لردعه، ولا يعود إلى ارتكاب الفعل نفسه، أو غيره، ولتكون ردعاً للآخرين كنوع من التحذير، وأثرها الاجتماعي هو القضاء على الجريمة، أو الحد منها متى كانت العقوبة قاسية الوقع، وأثرها النفسي هو التخفيف من الظلم الذي وقع على المجني عليه، أو أهله، لقوله تعالى: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب".

من هنا أنشئت السجون، وحُصنت مبانيها، وأولتها الدولة كل حماية، وأسندت للقيمين عليها الحماية القانونية، والسلطة المطلقة لتقويم السجناء، لذا تجد أشد الحراس قساوة هم حراس السجون، فهم عتاة مدربون على ذلك، وتخضع السجون إلى قوانين صارمة، وقاسية، وانضباط منقطع النظير.

ويلزم السجين بالتقيد بهذه الأنظمة منذ الصباح، والعمل داخل السجن في كل شيء، بتوقيت ونظام، وأعين الحراس وكاميراتهم لا تغيب عن السجناء تقويماًا لهم، وحفاظاً على حياتهم، أو الخوف من هروبهم من السجن، وقد تم أن هرب مساجين من أكثر السجون منعة، وتحصيناً كحادثة الهروب من سجن "الكتراز" في أميركا.

ومن المفارقات أن هناك مساجين" VIP"، وهناك مساجين تحت مستوى الإنسانية والعدالة، فإذا ما دخل سجين من النوع الأول انقلب السجن رأساً على عقب، فأدخلت كل وسائل الترفيه، من أجهزة التليفونات، والكمبيوتر، والاتصال، والوجبات الخاصة، علاوة على خدمة غسيل الملابس، وحتى تدخين الشيشة، الى درجة أن بعض المساجين يدير أعماله من داخل السجن، ويرسل "سنابات" يومية من داخل السجن، وإذا أراد أن يرفه عن نفسه تمارض، فيرسل إلى خارج مستشفى السجن، ويمكث مدة طويلة في غرفة خاصة يحظى فيها بكل الترفيه، والزيارات. وهذا في حد ذاته مصيبة، وكارثة، وتجاوز للقانون، فكيف يكون سجيناً خارج السجن؟

وهذا السجين المميز يسعى جاهداً إلى استغلال كل المناسبات، والثغرات، والوسائل لتقصير مدة السجن، أو الخروج بعفو، أو بثغرة قانونية، أما بقية المساجين فيعانون من كل أشكال الإهمال، والذل، والحرمان.

فتحول السجن للبعض مكاناً للراحة، والاستجمام، والهروب من العقوبة وتبعاتها المادية، فالسجون وضعت للردع وليست للترفيه.

دكتور في القانون ومحام كويتي

[email protected]

آخر الأخبار