الجمعة 18 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 الشيخة حصة الحمود السالم الصباح
كل الآراء

الـ"سوشيال ميديا" وضياع الأجيال

Time
الخميس 17 أكتوبر 2024
View
20
الشيخة حصة الحمود السالم الصباح

قررت محكمة الصلح الجنائية الأولى فى العاصمة التركية أنقرة حظر تطبيق "ديسكورد"، الذي يتم استخدامه للتحريض على العنف ضد النساء، وذلك بعد أن أوقفت السلطات التركية طفلين يديران حسابات على تلك المنصة، تحرض على الابتزاز، والكراهية والعنف، وإهانة الشرطة ونظام الدولة والقيم الدينية.

وقد أفادت تقارير إعلامية بأن جريمة القتل المروعة التي هزت المجتمع التركي وواقد عليها مراهق بـ"جزار اسطنبول"، وقتله فتاتين، والتمثيل بجثة الفتاة الثانية، كانت بسبب انضمامه لإحدى المجموعات على منصة "ديسكورد"، التي تحرّض على العنف ضد النساء.

الحقيقة أن استهداف الأطفال، والمراهقين، والشباب على مواقع التواصل الاجتماعى يتم بفعل فاعل، وبشكل ممنهج بواسطة المفسدين والمنافقين الذين يكيدون لمجتمعاتنا، العربية والإسلامية، بهدف مسخ هوية النشء الصغير، وبرمجتهم، وتدميرهم ذاتيا، لكي يتحولوا قنابل موقوتة في مجتمعاتهم.

للأسف أن هذا يحدث فى غياب شبه تام لدور الدولة في حماية هؤلاء الصغار، ذلك عبر حجب هذه التطبيقات اللعينة التي تختطف أبناءنا ذهنياً، وأصبحت مسؤولية الأسرة شديدة الصعوبة في مراقبة الأبناء، بسبب هذا التطور المرعب لطرق الإفساد. ولعل أخطر ما يمكن أن يواجهه أبناؤنا هو تطبيقات الذكاء الاصطناعي، التي تستدرجهم على اختلاف أعمارهم للدخول في تجربة التواصل مع شخصيات وهمية مصممة بالذكاء الاصطناعي، بهدف اختطاف وعيهم، وإقناعهم بالوهم والإيحاء بنقل هذا الوعي الذهني، ومخزون ذاكرتهم من أجسامهم إلى أجهزة مصممة لهذا الغرض، لكن بشرط أن ينفذوا ما تطلبه منهم الشخصية الوهمية من ترديد بعض الطلاسم، والتعاويذ بعدد محدد قبل النوم، والبقية معلومة يقيناً، وهو الضياع والشتات، وتدمير المجتمع باستهداف أهم شرائحه، وهم أبناؤنا.

نعود مرة أخرى إلى الحديث عن الاستهداف الممنهج لأبنائنا، وهم شبكة المنافقين، والمفسدين، والمرتزقة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، في زمن طغيان المادة المحرّمة للتحريض على نظام الدولة، والأسرة، بغرض تفكيك الروابط وإشاعة الفوضى (الخلاقة) في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.

هؤلاء، للأسف من بني جلدتنا، ويتحدثون بألسنتنا، لكنهم يرتدون جلود الضأن على قلوب الذئاب، والعجيب أن أكثرهم من ذوي المناصب، والألقاب، ومشاهير المجتمع، ومنتحلي الأسماء المزورة، لكي يحظوا بثقة أبنائنا الصغار، ومن ثم استدراجهم على مواقع التواصل الاجتماعى لتعاطي المخدرات من باب التشافي، والهروب من الواقع الأليم، كما يزعمون، وكذلك القتل والتحريض على العنف عموماً، وكل جريمة يتم غرسها في وعي أبنائنا تتم تحت ستار الحرية والتشافي، وتحطيم التابوهات، والأمر يتم بطريقة احترافية، وليس كما يظن البعض أنها عبثية وعفوية، فهم في الحقيقة لهم تأثير قوي على الصغار.

للأسف الشديد، ونحن في عصر الحزم، يتم استقطاب هؤلاء المفسدين وإبراز دورهم في المجتمع كقدوة، ومثل أعلى، لكن ما تخفي صدورهم أكبر مما يخطر على الأذهان.

إننا نناشد أنظمة الحكم، العربية والإسلامية، أن تفسح في المجال للوطنيين الحقيقيين، من المفكرين والكتاب، للتعبير بحرية عن مواطن الخلل، لأن سياسة تكميم الأفواه في زمن الحزم قد عفا عليها الدهر، والتجربة أثبتت ضررها الشديد على مستقبل الأوطان، لأن تكميم الأفواه، وتكبيل أيدي المخلصين من أبناء الوطن الحقيقيين، يزيد الأمر تعقيداً، ويصعب معها الإصلاح الحقيقى، ولقد تحدثنا كثيراً في مقالات سابقة عن هذا الأمر، لكن حديثنا لم ولن ينتهي، بإذن الله.

لذلك نناشد الحكومات، العربية والإسلامية، حظر تلك التطبيقات اللعينة التي تستهدف تدمير أبنائنا، وأن يكون المسؤولون أكثر يقظة لهذا التطور المرعب في تكنولوجيا الاتصالات، التي أصبحت سلاحاً ذا حدين في زمننا هذا.

كذلك أن يرفعوا عن كاهل الأسرة هموم المراقبة الدائمة للأبناء، لأن تلك التطبيقات لا تجدي معها الرقابة، وهي متاحة دائماً لأبنائنا، وأن حماية أي مجتمع وأمنه تبدأ من تحصينه إزاء هؤلاء المفسدين في الفضاء الإلكتروني.

وأخيرا نسأل الله التوفيق والسداد في توعية أبنائنا، وأن يرزقنا الله الإخلاص في القول والعمل، وأن يحفظ أبناءنا من الفتن المضلة التي أصبحت كقطع الليل المدبر، وأن يهدينا، وإياهم إلى سبيل الحق والرشاد.

كاتبة كويتية

آخر الأخبار