الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
22°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
حقُ الانتفاع تملُّك لا يجب الإضرار  به
play icon
الافتتاحية

حقُ الانتفاع تملُّك لا يجب الإضرار به

Time
الاثنين 21 أكتوبر 2024
View
200
أحمد الجارالله

كل الخبراء الاقتصاديين يؤكدون أن نجاح الحكومات مقياسه الأساس خلقها فرص العمل وفق خطط ملموسة وواقعية ومستدامة، وإخفاقها في هذا يعني تحولها إلى العجز المتراكم، ما يؤدي لاحقاً إلى ارتفاع معدل البطالة، وهذه نقطة تحول كبيرة في مسار الدول، إذا لم تدرك كيف تتغلب على المشكلات الناتجة عن تخلف خططها، وتخفض نسبة العاطلين عن العمل.

في الكويت، لغاية اليوم لم يدرك المسؤولون المخاطر المترتبة على التحولات الاقتصادية الكبيرة في العالم، خصوصاً في ما يتعلق بالنفط، إذ من المتوقع تعرُّض سوقه العالمي، في المستقبل القريب، إلى تحولات ضخمة قد تُحد من عوائد الذهب الأسود، الذي نعتمد عليه بنسبة 90 في المئة، ما يؤدي إلى أن يطل شبح العجز المالي مستقبلاً، الذي سيكون مصدر قلق للمواطن الكويتي والدولة، في آن واحد.

لهذا، حين خصّصت الدولة أراضي للعامة من أجل المنفعة الاقتصادية، أكان في قسائم صناعية أو زراعية أو خدماتية، فهي كانت تعمل على خلق ركيزة اقتصادية مستدامة تخدم مستقبلها، كما أنها أدركت منذ زمن أن أي أرض هي بقيمة المنشآت المبنية عليها، خصوصاً تلك التي تتبع مؤسسات تخدم الأمن الغذائي والصناعي، كما أنها مصدر دخل للدولة، أكان في الرسوم، ولاحقاً الضرائب، وتدخل أيضاً في تعزيز الناتج الإجمالي المحلي.

مناسبة هذه المقدمة، أنه يُحكى حالياً عن تعديل قانون المنفعة من الأملاك المبنية، وعدم السماح بتوريثها أو بيعها، وهذا يدل على قصر نظر حيال الفائدة المرجوة من تلك المنشآت، كما أنها ستكون مجرد أرض خالية، لا فائدة منها، أو خرائب غير مستغلة، ومصدر إزعاج لمؤسسات الدولة كافة.

هذه الخطوة مضرة للاقتصاد الوطني، وكذلك للأفراد، لأنها ستؤدي إلى المزيد من انكماش المناطق الصناعية والخدماتية، وكذلك الزراعية، وبالتالي زيادة الاعتماد على الخارج في استيراد السلع، حتى أبسطها.

إن توريث حق المنفعة يعني استمرارية النشاط، أياً كان نوعه، وحتى التحديد في هذا الشأن فيه الكثير من الإجحاف، خصوصاً في ما يتعلق بزيادة الأنشطة في المنشأة، إذ بدلاً من تشجيعه، يجري التضييق على المستثمرين، فإذا كان أحدهم يزرع الخضار، وأراد إضافة أشجار الفاكهة، فهو سيخفف لاحقاً من الفاتورة الضخمة للاستيراد من الخارج، لكن في الكويت ثمة من يعمل على مبدأ غير عقلاني.

للأسف، إن هذا الأمر ينطبق على كل المنشآت الصناعية، والزراعية وحتى الخدماتية، لهذا، فإن طرح فكرة منع توريث أو بيع حق المنفعة، ينم عن عدم دراية، أو بالأحرى ينزع عن الاقتصاد الوطني أداة مهمة للتطوير، في وقت، وكما نقرأ من تصريحات الوزراء، أن الكويت تسعى إلى منافسة الدول المجاورة، لكن يبدو أن ذلك مجرد شعار.

القانون في الكويت، والدستور أيضاً، يمنعان مصادرة حق الانتفاع، إلا بشروط معينة، فالملكية حقٌ مقدس، وهي من الأسس التي تكفلها الدول كافة، ولهذا، فإن البحث في هذا الأمر، أو التفكير فيه، يعني انتحاراً للأفراد والمؤسسات.

لهذا نسأل: كيف يرفع مجلس الوزراء شعار التنمية، وخلق فرص العمل للمواطنين، ومن ثم يسعى إلى تكبيل الاقتصاد بهذا النوع من الأطروحات التي نأمل إلا تكون حقيقية؟

نرجو الله أن يكون ذلك مجرد فكرة خيالية، لأنها غير صالحة للتطبيق، إلا إذا كان الهدف منها المزيد من التضييق على المواطنين.

  • أحمد الجارالله
آخر الأخبار