أن تعمل عجلة الإصلاح وبقوة، فهذا مطلب الجميع في البلاد، لهذا ينظر إلى توقيع وزيرة الأشغال العامة الدكتورة نورة المشعان 18عقداً لصيانة الطرق، بقيمة نحو 400 مليون دينار، أنها البداية التي طال انتظارها.
في هذا إشارة إلى التخلص من البيروقراطية العقيمة التي كانت متبعة في الماضي، ويمارس عبرها الفساد بكثرة.
أيضاً، هي دليل على صواب إلغاء الوكيل المحلي الذي أمر صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد به، لأن فيه أبواباً للتنفيع محصورة بشريحة معينة من المتنفذين والنواب، وغيرهم من المتمصلحين الذين كانوا يحلبون الدولة، من دون حسيب ولا رقيب.
الجديد اليوم، أن تلك العقود لم تنحصر بشركات محلية، بل من ضمنها إماراتية وقطرية، وعالمية، وأن الإشراف سيكون من الجهاز المعني، ومتابعة من صاحب السمو الأمير مباشرة، كي لا تعود المشاريع سيرتها الذاتية، من خلال الدورة المستندية الطويلة الملعوب فيها، ولجنة المناقصات، وغيرها من الدهاليز الأخرى، والهدف منها كان زيادة الأكلاف إلى الضعف والضعفين، وأحياناً أكثر.
طبعاً، الجميع يعرف المسار الذي كانت تمر فيه هذه المشاريع، والثغرات القانونية الموضوعة، كي يدخل منها الفاسدون، ورغم كل الملاحظات التي يضعها ديوان المحاسبة، إلا أن ذلك لم يجر العمل به، لأن قوة الأمر الواقع أكبر بكثير من كل الأجهزة.
على هذا الأساس طالبنا مرات عدة بإعادة النظر في المشاريع المنفذة منذ العام 1992 حتى الأمس القريب، وأن تعمل الدولة على استرداد الأموال المنهوبة، بعد أن أزكمت رائحة الفساد فيها الأنوف، حتى وصلت إلى الخارج.
حين تُعلن 18 ممارسة لإصلاح الطرق، فهذا يدل على حجم ما عليه وضعها، وكيف أنها كانت مصدراً للربح من دون جهد، وأن المؤسسات المعنية لم تكن تبذل أي مجهود في وقف العبث، ليس في المشاريع فقط، بل أيضاً بحياة البشر، ولقد رأينا في السنوات الماضية حجم الضحايا نتيجة ذلك، فيما الهدف عدم إغضاب فلان المتمصلح أو فلان الجائع دائماً للهبش من المال العام.
لا شك أن أميرنا الذي يصح أن نطلق عليه أمير الإنقاذ، خبر كل تلك الأساليب، لأنه كان بموقع المراقب المطلع على مسار الدولة والأجهزة كافة، ورغم عدم رضاه عن بعضها، إلا أنه لم يعلن اعتراضه العلني، لأن سموه يعمل وفق التقاليد الأميرية، وهي السمع والطاعة، ولقد قال سموه في خطاب القسم: "لقد كان علينا السمع والطاعة، ولم نخالف قط القرارات والتعليمات، رغم عدم قناعتنا ببعضها، لأن طاعة ولي الأمر من طاعة الله".
يومها شدد سموه على العمل بحزم، أكان في حماية الأموال العامة، أوالمؤسسات، كي لا تعود إلى ما كانت عليه من زحف مؤسسة على صلاحيات أخرى، لأن ذلك زاد من الفساد، وأثر في الشأن العام، وأنتج الفوضى السياسية والاقتصادية، ما أثقل كاهل البلاد والمجتمع.
لا شك أن تصويب المسار المؤسساتي يتطلب الكثير من الجهد، خصوصاً في ما يتعلق بالصلاحيات الموكلة لكل مؤسسة، ومسؤول، وهذا الأمر يحتاج إلى حزم وحكمة، وهو ما ظهر في الإجراءات التي اتخذها سمو الأمير، وجعل الكثير من المتمصلحين يقبعون في جحورهم، لأنهم لمسوا أن الضجيج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والغمز واللمز، لن يفتا بعضد قائد خبير، يعمل على إنقاذ بلاده، التي كادت تسقطها لعبة مصالح الدولة العميقة، في براثن وحوش لا يقيمون وزناً للمصلحة العليا ولا الشعب.
القيادة السياسية ماضية في طريقها نحو الإصلاح، ولقد بدأت عبر وزارة الأشغال التي يجب أن يظهر عملها في الواقع، وعلى هذا الأساس يستحق سمو الأمير، مرة أخرى، أن نقول لسموه: ألف شكر، فالكويت اليوم على السكة الصحيحة.