في ملف سحب الجنسيات ثمة الكثير من الأقوال، وقد ناقش السياسيون ما لاته، وجرى تداوله منذ سنوات، في مواقع مختلفة، وتطرق اليه كثير من الإعلاميين، كما طرحه بعض النواب في قاعة عبدالله السالم، قبل سنوات.
الغريب في الأمر أن ثمة ارقاماً كثيرة تداولت حينها عن عدد المزدوجين والمزورين، وممن اكتسبه بالتدلس، وغيرها من الأحاديث، رغم أن الجهاز التنفيذي، يومها، لم يعلن أي أرقام، وأيضاً لم نسمع عمن سهل التزوير، ومنح الجنسية من دون حق.
لا شك أن المسؤولين في الجهاز التنفيذي المتعاقبين على مدار عقود يتحملون المسؤولية، أو بالأحرى هذا الجهاز هو من أخل بواجباته حين سهل الحصول على الجنسية.
اليوم، ومع الأرقام التي تكشف، يتضح أن تلك الكبيرة التي أعلنت سابقاً ليست صحيحة، فإلى هذا الحين لم يصل العدد إلى 500، وعلى هذا الأساس يمكن القول إن هناك تهويلاً، فحين يعلن عن ثلاثمئة الف، ممن حصلوا على الجنسية، أو أكثر، ومن دون دليل، فهذا يدل على أن هناك من أراد الصيد في الماء العكر.
على كل حال، ليس هذا موضوعنا، إنما الأفعال التي ترتبت على منح الجنسية هو الأهم، أكان في الرعاية السكنية، أو الخدمات المقدمة إلى المواطنين، والتعليم والصحة، وغيرها، ايضاً كيف يمكن محاسبة المزور والمسهّل ارتكاب هذه الجريمة، والناتج من ممارسة منح حصل على الجنسية من دون حق، سواء أكان ذلك بالواسطة، أو غيرها من الأفعال المجرمة قانوناً.
هذا الأمر لا ينحصر في المال العام فقط، بل يتصل بنواح كثيرة من الحياة، أكان في المجتمع، أو الاقتصاد أو السياسة، والأبناء والزواج، فكم خسرت الدولة في هذا الشأن، وكيف عمل المزور، أو المدلس، لاسترداد المبلغ الذي دفعه رشوة، وماذا كان هدفه، أو هدف من ساعده على الحصول الهوية الكويتية.
في هذا الشأن، ولكي نقرّب المسألة إلى ذهن القارىء، لنفترض أن هناك مئة مزور، فكم أنفقت الدولة عليهم، أكان في الرعاية السكنية، أو الطبابة أو التعليم، و"التموين"، وغيرها الكثير مما لا تتسع اليه هذه العجالة لسرده، ويمكن القول إن الانفاق على هؤلاء قد يصل إلى الملايين.
البحث في الأرقام مسألة مهمة، لأن ذلك يغير الكثير من الرؤى والخطط، وإذا أي مسؤول في وزارة الداخلية، أو المالية، أو غيرها أجرى حسبة بسيطة على التكاليف المترتبة على الممنوح الجنسية لهم من دون حق، سيكتشف الكثير في هذا الشأن.
كما المزور أخذ مكان من يستحق، وماذا قدم للدولة، فالأرقام مهمة، لأنها تكشف جوانب أخرى مسكوت عنها، وبالتالي توضح جزءاً من الخلل الكبير الذي لم يكن هناك من يعالجه قبل وقوع المشكلة، وكذلك محاسبة الجميع، وليس المزور وحده.