صراحة قلم
شاهدنا المسرحية الهزلية، التي مثل فيها كل من حكومة إيران، وحكومة الاحتلال الصهيوني، بإخراج أميركي ضعيف الإنتاج.
هذه المسرحية التي أراد بها المخرج، وضع إثارة و"أكشن" للأحداث الجارية بين إيران وإسرائيل، حتى يشوّق مشاهدي جماعة "الإخوان" وجماعة الحوثي، و"حزب الله"، و"الحشد الشعبي"، للمتابعة والتصديق، ومن ثمّ التسويق لها.
لقد نجح المخرج في جعل عقول هؤلاء الفارغة، تصدق هذه المسرحية، حتى أن أحد القياديين السياسيين لـ"الإخوان" عندنا في البلاد، والذي كان عضوا في مجالس نيابية سابقة عدة، وله تصاريح مشهورة أيام التظاهرات التي عصفت بالبلاد عامي 2012، و2013 مثل قوله: "يا تبقى الكويت، أو لا تبقى"، وتلميحه بالخروج المسلح على الحكومة بقوله: "حتى خيار الصحابة خرجوا خروجاً مسلحا"، قال عن هذه المسرحية الهزلية في تغريدة له في منصة "X" "دقة الضربات الإيرانية الأخيرة، وتجاوز نصف الصواريخ منظومات الدفاع الإسرائيلية، والطائرة المسيرة التي قصفت منزل نتنياهو، ونجاح "حزب الله" في رفع عدد القتلى الإسرائيليين يوميا في الجنوب، أعاد إيران والحزب إلى توازن الردع، بعد خسائر كبيرة ونوعية، وفرض واقعا جديدا أجبر إسرائيل على التفاهم حول ضربة محددة لحفظ ماء الوجه بعد أن كانت تفرض على الأخرين ما تريد".
فهو يريد ايهام الشعوب، أن تفاهم إسرائيل واتفاقها مع إيران من خلال الحكومة الأميركية قصف أماكن محددة مسبقا، وإخبار إيران بموعد قصف هذه الأماكن، كان لخوف إسرائيل من القوة الإيرانية التي اظهرتها بقصفها مئات الصواريخ لمواقع إسرائيلية.
متناسياً أن إيران سبقت إسرائيل في هذا التفاهم، فقبل أن تقصف إسرائيل كانت متفاهمة ومحددة معها من خلال الحكومة الأميركية المواقع التي ستقصفها، وموعدها، كما أن صواريخها لم تحمل رؤوس متفجرة، وشاهدها العالم بعد سقوطها، وأنها عبارة عن صفائح معدنية معبأة بالرمل ونشارة الخشب، ولهذا لم تقتل حتى فأرا في المواقع التي قصفتها في إسرائيل.
العالم يعلم أن إيران لن تخوض حرباً مباشرة مع الكيان الصهيوني، فهي دائما تخوض حربها من خلال أطراف، للأسف عربية، مثل "حزب الله"، و"أنصارالله" الحوثية، والحشد الشعبي العراقي، وغيره من ميليشيا طائفية، وحركة "حماس" الإخوانية، حتى تكون الخسائر البشرية والمادية في هذه الأطراف.
وإذا حدث انتصار يكون لإيران، وهذا ما شاهدناه من مقتل عماد مغنية، وإسماعيل هنية، وحسن نصرالله، وصفي الدين، والسنوار، وتدمير غزة، وقتل ما يقارب 41 ألفا وجرح أكثر من 95 ألفا من أهلها، وتدمير مدن وقرى جنوب لبنان، واستمرار قتل أهلها، في الوقت الذي تتفاهم فيه كل من إيران وإسرائيل على المواقع المراد قصفها وموعد القصف لبينوا للعالم أنهم يتقاتلون مباشرة.
ثم تأتي جماعة "الإخوان" و"حزب الله"، وجماعة الحوثي، و"الحشد الشعبي"، والميليشيات الطائفية لتروّج هذا القتال، وتمجد إيران، زاعمة أنها أجبرت إسرائيل على الخضوع لقوتها.
من يراجع التاريخ يجد أن الفرس دائما يقفون إلى جانب الفرنجة واليهود في قتالهم ضد العرب، وأن ما تفعله إيران حاليا هو مجرد تصاريح إعلامية، وتحريك ميليشياتها لتقاتل بدلا عنها لتحقيق أهدافها في المنطقة، ولا تكترث بالدم العربي، نهائيا، حتى ولو كان من حلفائها المقربين، فمجرد الانتهاء من الاستفادة منه تضحي به، إذا رأت أن ذلك من مصلحتها، ومع ذلك لا يزال "الإخوان" يصدقونها، ويبررون لأفعالها، ويروجون لانتصاراتها الكاذبة.
al_sahafi1@