الأحد 11 مايو 2025
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 الشيخة حصة الحمود السالم الصباح
كل الآراء

إِنَّ الْإنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا

Time
الأحد 03 نوفمبر 2024
View
50
الشيخة حصة الحمود السالم الصباح

يقول الله جلّ وعلا فى كتابه الكريم: "إن ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعا (20) وَإِذَا مَسَّهُ ٱلأخَيرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا ٱلأمُصَلِّينَ (22) ٱلَّذِينَ هُم عَلَى صَلَاتِهِم دَائِمُونَ (23)" (المعارج)، ما أبلغ هذا الوصف الربانى لطبيعة النفس البشرية الواهنة، وما أقوى هذا العلاج الاستثنائي لداء الهلع والجزع، والمنع، وهو الحفاظ على الصلوات، حيث السجود والحضور، والخشوع القلبي في حضرة الخالق ومعيته، الذي بذكره سبحانه وتعالى تطمئن القلوب، بعد الضيق من القيل والقال.

إننا نجد المولى، عز وجل، في موضع آخر في كتابه الكريم يواسي حبيبه ومصطفاه، بقوله تعالى في خواتيم سورة الحجر "وَلَقَد نَعلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّجِدِينَ (98) وَٱعبُد رَبَّكَ حَتَّى يَأتِيَكَ ٱليَقِينُ (99)"، فى ظلال هذه الآيات الكريمة أتذكر بحسرة ما آل إليه حال شبابنا من الضيق والإحباط في زمن العولمة وتكنولوجيا الاتصالات، خطفت فطرتهم السوية بعيداً عن المنهج القرآني.

إن الأمم والحضارات لا تقوم لها قائمة إلا بوضع الأسس والقواعد السليمة لمكارم الأخلاق، وحقوق الإنسان، وأهم ركائز أي بنيان حضاري الشباب، هم جيش المجتمع وشرطته، ووقود انطلاقته، والاهتمام بهم، وبما يُقدم لهم فيجب أن يكون فى الأساس محتوى تثقيفياً قائماً على كتاب الله وسنة رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم).

إن دور الدولة، متمثلاً فى وزارة الإعلام، يجب أن يكون أكثر جدية وحزماً في تقديم إعلام حقيقي مثمر بكوادر علمية متميزة، قادرة على التأثير الإيجابي في نفوس الشباب، وإنقاذهم من براثن الهم والضيق، كنتيجة طبيعية تراكمية للتدفق المعلوماتي الذي تشوبه رائحة المصداقية، في إطار طرح إعلامي مخادع يدس السم في العسل، مما ساهم في انتشار داء التضليل الإعلامي الذي تعددت أساليبه وتنوعت بتنوع وسائل الإعلام، سواء التقليدي منها أو الجديد المعروف بـ"سوشال ميديا".

وكل ذلك يتم بهدف توجيه الرأي العام الى أهداف خبيثة، وتكبيل إرادة شبابنا، وتشويه وعيهم، وتعطيل طاقاتهم الإيجابية.

عندما تم تضليل شبابنا إعلامياً ضاقت الصدور، وامتلأت عيادات الطب النفسي بمرضى الاكتئاب، وانتشرت حالات الانتحار، وتعاطي المخدرات.

أقول ذلك ونحن بين أيدينا كتاب رب العالمين فيه شفاء لما في الصدور، باللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، بالتسبيح والسجود كي تتحقق الطمأنينة والسكينة، وأن نلبي نداء الحق مصداقاً لقوله جل وعلا "فاسجد واقترب".

لذلك لم ولن نجد طريقة مُثلى لتصحيح المسار، والعودة الى مكارم الأخلاق إلا في المنهج القرآني، فالقرآن الكريم هو دستور كل العصور والأزمان، وهو الحصن الحصين، والأمن والأمان، وصدق الدكتور مصطفى محمود (رحمه الله) حينما وصف القرآن في كتابه "القرآن كائن حي" بأنه يتميز بالبنية الهندسية، والترابط اللغوي المعجز، وأن كل ما جاء قبل القرآن وبعده، لم يخرق حرفاً واحداً فيه، وقد وصفت السيدة عائشة (رضى الله عنها) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن خُلقُه القرآن، وأنه كان قرآنا يمشى على الأرض.

لذلك يجب اختيار المواضيع الجادة في وسائل الإعلام كافة، المرئية والمقروءة والمسموعة، وتخصيص مساحة زمنية كافية في أوقات مناسبة، وبالتعاون مع الوزارات والهيئات المختلفة، والأهم اختيار الكوادر المتميزة بعيداً عن المجاملات.

نصيحتي للشباب: التزموا أداء الفروض، وحافظوا على الصلوات، وبخاصة صلاة الفجر، والتي قال عنها الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم): "ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها".

وهي ليست فقط عبادة تسمو بأرواحنا إلى عنان السماء، قبل شروق شمس يوم جديد، لكن هي أيضاً نقطة بداية تنظيم الساعة البيولوجية في جسم الإنسان، من حيث انضباط الدورة الدموية، واتساع الشرايين عند الاستيقاظ المبكر، مع الحركة والنشاط، وبالتالي الوقاية من الجلطات القلبية، والسكتات الدماغية.

وسبحان الخالق مدبر كل شيء الذي جعل الخير كله في الاستقامة، والتزام الكتاب والسنة، سبحانه وتعالى أحكم كل شيء خلقه، ونسأل الله العفو والعافية، وأن يحفظ شبابنا من كل سوء.

كاتبة كويتية

آخر الأخبار