حوارات
يُنسب للحكيم الفارسي بُزُرْجُمُهْر بن البختكان قوله: "مَنْ أَحَبَّكَ نَهَاكَ وَمَنْ أَبْغَضَكَ أَغْرَاكَ"، وهي حكمة إنسانية فريدة من نوعها تثير سؤالاً مهماً عن العلاقات الإنسانية: لماذا يميل بعض الأفراد إلى تجاهل نصائح من يهدفون إلى مصلحتهم، ويميلون إلى إطاعة من يغريهم لإرتكاب التصرّفات السلبية، التي لا تصبّ في مصالحهم؟ أعتقد أن ثمة أسباباً محدّدة تكشف عزوف بعض الأشخاص عن الإنصات للنصائح، والتقيّد بالإرشادات السلوكيّة الإيجابية، ونذكر منها ما يلي:
- كل ممنوع مرغوب فيه: تميل النفس البشرية،
لاسيما الأمّارة بالسوء، إلى الرغبة في ما هي ممنوعة عنه، وبخاصة ما يؤدي إلى إشباع غرائزها البدائية، فيرفض المرء نصيحة من ينهاه عن ارتكاب ما هو سيئ، ويستمع لإغراءات من يشجّعه على مخالفة ما هو حقّ، بزعم التمتّع بملذّات الدنيا قبل فواتها.
- الْهَوَى وَالشَّهْوَة وغلبة العقل: ما إن يسيطر الهوى على النفس البشرية حتى تقع ضحيّة لشهواتها، فيصبح الإنسان عبداً لشهواته يشبعها بأي طريقة كانت، ومن يصبح هواه سيّده يميل إلى من سيساعده على إشباع رغباته، وشهواته، ونزواته الدفينة، ويتضايق ممن ينهاه عن فعل ذلك.
-ضعف النضج النفسيّ: كلما انخفض مستوى النضج النفسي عند أحد الأفراد البالغين عمرياً أصبح عرضة لإغراءات من يبغضه سراً، وكلما زاد نضجه النفسي، كلما استمع لمن ينهاه عمّا سيضرّه.
-التربية الأسرية السيّئة: يرسخ العناد والمكابرة، ومخالفة الحقّ في قلب الإنسان أحياناً عندما يتعرّض في مرحلة طفولته إلى تربية أسرية سيّئة (فوضوية)، وكأنّ أولياء الأمور الفاشلون في تربيتهم لأبنائهم وبناتهم يدفعونهم دفعاً إلى أحضان من يبغضهم!
-الْعِنَاد: يعاند بعض الأشخاص في مخالفتهم لما هو حقّ بهدف إشباع شهواتهم، فيعمل بعضهم على تغافل وتجاهل ورفض نصائح المحبيّن له، ويميل بحمق إلى الاقتراب الى من يبغضه سراً، ولا يوجد شيء يجلب سوء الحظ أكثر من الْعِنَاد.
سوء النّيّة: من ترسّخ في داخله فساد الطويّة، وبخاصّة ما نتجت عن شرور الطّبع الشخصيّ الفطريّ أغلق آذانه عن سماع نصائح الصالحين، وأصبح من الْغَابِرِين المضيّعين باختيارهم لطريق النجاة.
كاتب كويتي