حوارات
"وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا" (الشمس 7-10).
النفس الشريفة هي التي اِرْتَقَى صاحبها قمّة النبل، والسمو الفكريّ والأخلاقيّ، وحري بكل إنسان عاقل في عالم اليوم أن يسعى، قدر ما يستطيع، الى تمكين نفسه البشرية الأمّارة بالسوء وفقاً لفطرتها، من أن تُصلح ذاتها وتعتلي قمّة الأخلاق الحسنة والفاضلة والحميدة.
ومن بعض مقوّمات الحصول على نفس شريفة، وبعض سمات صاحب النّفس الشريفة، نذكر ما يلي:
-مقوّمات النّفس الشريفة: المقوِّم هو العنصر الأساسي الذي يتركّب منه الشيء، ومن مقوّمات النّفس الشريفة تحكّم صاحبها بهواه وبشهواته، وجعلها تحت سيطرة عقله، فيميل، على سبيل المثال، الى مخالفة ما يدفعه إليه هواه، ويفضّل ما يجذبه إليه عقله، ويتّصف بأمانته في القول والفعل، في السرّ وفي العلن.
فهو شريف نفس باطناً وظاهراً، وترتكز النّفس الشريفة كذلك على وجود الفطرة السليمة، التي لم تلوّثها بشكل كامل مغريات الحياة الدنيا، ووجود رفض شبه فطري لكل ما هو باطِل أو فاسد أخلاقياً، مثل الخيانة والغدر والكذب، ودناءة النّفس، وظلم الناس والتكبّر والحسد.
وتزدهر النّفس الشريفة في البيئات الأسرية والاجتماعية الشريفة، فكلما كثر عدد الصالحين في البيئة المحيطة بالإنسان شرفت نفسه وزاد تعلّقه بالأخلاق الحميدة.
وترتكز أيضاً على تلقّي تربية أسرية صالحة على أيدي والدين صالحين يغرسان في قلوب أبنائهما شرف النفس وعلوّ الهمّة، واحترام الذّات والمروءة، والاعتماد على النفس، وحسن التصرّف والحسّ والتفكير السليمين.
-سمات صاحب النّفس الشريفة: يقدّر ذاته ويحترمها بشكل كبير، فلا يضع نفسه باختياره في مواقف تؤدّي الى إهانة كرامته الإنسانية، وستجده الأكثر استغناءً عن الناس، وذلك لأنّ جوهر النّفس الشريفة هو غناها الداخليّ، ويتّسم صاحبها بقناعته وبصبره الشديد على تقلّبات الدّهر، فلا يكشف ضعفه للآخرين، ولا يشكو معاناته أو حزنه سوى لربّه عزّ وجلّ، وهو الأكثر قناعة بما رزقه الله تعالى، والأكثر تصدّقا على الفقراء والمساكين، ويتّسم بسخائه، فهو يتصدّق "حتى لا تعلم شمالُه ما تُنفق يمينه"، فكن صاحب نفس شريفة تربت يداك.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@