حوارات
(قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (التوبة 51).
النَّازِلَة هي الكارثة الكبيرة، أو المصيبة الشديدة الصادمة، التي يتعرّض لها الانسان فجأة، مثل فقدانه غير المتوقّع لمن هو عزيز عليه، أو تعرّضه لبعض صروف الدّهر (النوائب والابتلاءات)، أو اكتشافه سرّاً خفيّاً أدى اِجتلاؤه الصادم الى اضطراب عقله، وربما دفعه الى إعادة التفكير في مسلّماته الحياتية التي كانت قبل أيّام قليلة شبه ثابتة في ذاكرته.
ويصمد نفسياً أمام نوازل الدّهر المتقلّب من لديه مقوّمات وسّمات شخصية محدّدة، ونذكر منها ما يلي:
-اليقين: يتيّقن الانسان من الأمر عندما يتحقّق منه، ويعرفه تماماً، ويطمئن إليه قلبه، ويزول عنده كل شكّ تجاهه.
واليقين هو المرتكز الأساسي للعقيدة الدينية، ومن لديه يقين قوي سيقبل ما حدث له في ماضيه، وحاضره، وما يحدث له في مستقبله، لإدراكه أنّه يوجد دائماً أشياء، وأحداث، وأمور في حياته لن يمكنه التحكّم بها، مثل قَدَرَه في الحياة، ومن يتّسم بالصمود النفسيّ لا يُضْعِفُ يقينه أي شيء.
-جينات الصمود النفسيّ: يرث بعض الأشخاص من آبائهم، أو أمهاتهم، سمّات عقلية ونفسيّة فريدة، ترتبط بقدرتهم النادرة على الصمود أمام مُلِمّات الحياة.
وطوبى لمن إكتشف مبكِّراً هذا الإرث الجينيّ، وإستعمله لتطوير شخصية مرنة، واكتسب مهارات التفاعل البنّاء مع الأحداث المفاجئة في الحياة، وأبقى على أمله انّ غداً سيكون أفضل من اليوم.
-الاعتماد على النفس: من شبّ على الاعتماد على قدراته ومهاراته الشخصية للإيفاء بمسؤولياته الأخلاقية تجاه نفسه ومن يهمّه أمرهم، تجده أكثر صموداً نفسياً أمام مصائب ونوائب الحياة الدنيا.
فهو وإن وقع بين الحين والآخر في مصائد وشراك الحياة، سيقع متكئاً!
-الارتداد العقلي السريع: يمتلك الصامد نفسياً أمام صروف الدّهر قدرة ذهنية متميّزة تتجلى في تمكنّه من إعادة ترتيب أولوياته الشخصية، وفقا لظروفه، فهو يعيد هيكلة، أو ربما يعيد بناء عقله المصدوم، أو قلبه المجروح بسرعة خيالية، وهي قدرة نادرة تبدأ بامتلاك مهارة المرونة الفكريّة والنفسيّة الإيجابية.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@